ذكاء اصطناعي محيطي ومستقبل الرعاية الصحية الذكية في جلسات حوارية أجرتها سامسونج خلال حدث Unpacked

قبل أيام، كانت عملاقة الصناعات الإلكترونية الكورية، سامسونج، قد عقدت حدثها السنوي: Galaxy Unpacked 2025 في مدينة نيويورك الأمريكية، وكانت مينا تك حاضرة في الحدث المهم مع تغطية مباشرة ومستمرة لأهم ما جاء فيه. حيث تضمن الحدث الإعلان عن الجيل الجديد من هواتفها الثورية القابلة للطي، هواتف Galaxy Z Fold7 وGalaxy Z Flip7 الجديدة، لكنه وبالإضافة إلى ذلك تضمن أحداثاً وفعاليات جانبية كان منها لقاءات مغلقة وجلسات مخصصة، بالإضافة لجلستين حواريتين ركزتا على تقنية الذكاء الاصطناعي واستخداماتها الممكنة وبالأخص في مجال الرعاية الصحية.
كان محتوى الجلسات متسقاً مع الطابع العام لحدث Unpacked 2025، وبالأخص مع التركيز الكبير فيه على الذكاء الاصطناعي، وكون ساعات Galaxy Watch8 الجديدة مزودة بقدرات إضافية في كل من التقنية الصحية وقدرات الذكاء الاصطناعي. وكانت مينا تك حاضرة في هذه الجلسات للاستفادة من المحتوى الثري الذي قدمته والمعلومات التي شاركها قادة الصناعة برفقة مسؤولين مهمين في شركة سامسونج.
الرؤية التالية للذكاء الاصطناعي: الذكاء المحيطي
كانت الجلسة الحوارية الأولى بعنوان «The Next Vision of AI: Ambient Intelligence» وتضمنت كلاً من السيد جيسون بارك، نائب الرئيس التنفيذي ورئيس فريق الذكاء اللغوي في قسم تجربة الهاتف المحمول لدى سامسونج، وميندي بروكس، نائبة رئيس منتجات تجربة المستهلك على نظام أندرويد في جوجل، والدكتور فينيش سوكومار، نائب الرئيس لإدارة المنتجات في كوالكوم.
كما يظهر العنوان، ركزت الجلة على كيفية تُمكين القدرات متعددة الوسائط للتطور المستمر للذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، بحيث يندمج بسلاسة في تفاعلات المستخدم بطريقة تبدو طبيعية واستباقية وغير مرئية تقريباً، فالهدف هو ذكاء اصطناعي يساعد المستخدم في مختلف المهام، لكنه لا يعيقه ولا يبقى في الواجهة حقاً، بل يعمل في الخفاء. وتناول المتحدثون دور الهاتف الذكي المتطور، أهمية تكامل المنصات، وقوة التعاون متعدد القطاعات لتقديم ذكاء شخصي وآمن على نطاق واسع.
افتتح جيسون بارك، الحديث بالإشارة إلى التبني السريع لميزات الذكاء الاصطناعي لهواتف جالاكسي، مؤكداً أنه منذ إطلاق سلسلة Galaxy S25 في يناير، تفاعل أكثر من 70% من المستخدمين مع هذه الميزات، وهو معدل تبنِّ مرتفع. وأضاف أن النقلة التالية هي الذكاء المحيطي: ذكاء شخصي للغاية، تقدّمي، وحاضر دائماً. وأشار بارك لأهداف سامسونج التي تتضمن تعميم قدرات Galaxy AI على 400 مليون جهاز بحلول نهاية عام 2025، حيث أظهرت الدراسات أن 60% من المستخدمين يرغبون بأن يتنبأ هاتفهم الذكي باحتياجاتهم بدون الحاجة لطلب واضح.
كما نوه بارك لكون صعود الذكاء الاصطناعي يتوافق مع ازدهار الهواتف الذكية، فهو تقنية قائمة على هذه الأجهزة وليس بديلاً لها. حيث قال بارك: «قد يرى البعض الذكاء الاصطناعي على أنه بداية حقبة ما بعد الهواتف الذكية، لكننا نراه بشكل مختلف. نحن نبني مستقبلاً حيث لا يكتفي جهازك بالاستجابة، بل أنه يصبح أذكى ويتوقع ويرى ويعمل بهدوء دون ملاحظته لتسهيل حياتك.»
بعد بارك، تحدثت ميندي بروكس من جوجل، وركزت على كيفية انتقال الذكاء متعدد الوسائط من الاستجابة التفاعلية إلى فهم أعمق لنية المستخدم عبر نص وعين وصوت، وأكدت على كون المساعد الذكي Google Gemini مهيّأ ليكون واعياً ومقدّماً للمساعدة بما يناسب تفضيلات وروتينات المستخدم. حيث قالت بروكس: «عبر التعاون القريب مع سامسونج، بات جيميناي يعمل بشكل سلس على أجهزة الشركة ويتصل بالتطبيقات الافتراضية لتقديم المساعدة والردود المخصصة.»
من جانبه، شدد الدكتور سوكومار على أهمية حماية الخصوصية أكثر من أي وقت مضى مع تزايد التخصيص في الذكاء، مؤكداً أن «الخصوصية، والأداء، والتخصيص عناصر متساوية وليست متنافسة». كما أشار إلى أن العمل مع سامسونج يُركّز على «الذكاء الآمن على الجهاز» حتى يظل المستخدم دوماً على دراية ببياناته المخزنة وسبب تخزينها ومن يتحكّم بها.
الفصل القادم من الصحة: توسيع نطاق الوقاية والرعاية المتصلة
كانت الجلسة الثانية من الحدث مركزة بالدرجة الأولى على التقنية الصحية والتحولات القادمة للمجال، حيث حملت عنوان «The Next Chapter of Health: Scaling Prevention and Connected Care»، وتضمنت كلاً من الدكتور هون بارك، نائب الرئيس الأول ورئيس فريق الصحة الرقمية في سامسونج، ومايك مكشيري، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Xealth، والدكتور رازو شريسثرا، نائب الرئيس التنفيذي ومسوّق الابتكار لدى Advocate Health، وجيم بيرسلي، رئيس شركة Hinge Health.
تناولت الجلسة الآليات التي يمكن أن تقرب فيها التكنولوجيا بين الصحة والرعاية السريرية، مما يجعل الرؤى الصحية أكثر ارتباطاً واستباقية وقابلية للاستخدام من قبل الأفراد ومقدّمي الرعاية وشركاء الحلول الصحية الرقمية. حيث أوضحت الجلسة الثغرة الكبرى المتمثلة بتناثر البيانات الصحية عبر أنظمة مختلفة مما يؤدي إلى فعالية أقل في الرعاية. ومع تزايد الأمراض المزمنة، وشيخوخة السكان، ونقص الكوادر الطبية، ظهر ضغط متزايد على النظام لتقديم رعاية سريعة وفعالة.
ضمن الجلسة، تناول الدكتور باك أهمية تكامل الأنظمة الصحية وبياناتها قائلاً: «يطلب المرضى والمستهلكون حول العالم منا الاستماع لهم، ومعرفتهم، وفهمهم بشكل حقيقي. ومعاً، نحن نصنع بيئة متصلة تتيح للرعاية الصحية أن تحدث فرقاً حقيقياً في حياة المرضى، وحتى في حياتهم عموماً كأشخاص.»
كانت واحدة من معالم الجلسة كذلك هي استكشاف أهمية الاستحواذ الأخير الذي أجرته سامسونج على منصة Xealth الصحية الرقمية، والتي تربط أكثر من 500 مستشفى و70 مزود حلول صحية رقمية حول العالم. وتحدث الضيوف عن أهداف سامسونج من الأمر واتجاهها إلى ربط بيانات الأجهزة القابلة للارتداء التي تقدمها وخدماتها الصحية بالتدفقات السريرية، وذلك بهدف جعل تجربة الرعاية الصحية أكثر اندماجاً وتوحيداً. وعلق مايك مكشيري على الأمر قائلاً: «سيستبدل هذا [مشيراً إلى هاتفه] بالإضافة للأجهزة الأخرى من سامسونج – الساعة والخاتم الذكي – أجهزة مراقبة ضغط الدم المستقلة وحساسات النبض والعديد من الأجهزة الأخرى. سيكون كل شيء في حل وحيد مدمج، وسيبسط ذلك الرعاية الصحية.»
كما أشار الدكتور شريسثا، إلى أن هذه المبادرة تتطلب منظومة متكاملة من الأطراف المختلفة قائلاً: «يحتاج الأمر نظاماً بيئياً متكاملاً، ولعل ذلك جزء من سبب حماسي حول اتحاد Xeath مع سامسونج لمواجهة هذا التحدي.»
تضمنت محاور الجلسة الحوارية كذلك أموراً مثل انتقال الرعاية الصحية المتزايد نحو المنازل بفضل الأجهزة الملبوسة التي تقدم بيانات مباشرة ومستمرة عن المؤشرات الحيوية للمرضى، وكيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستغل هذه البيانات بشكل مفيد لتقديم رؤى مخصصة تحسن مخرجات الرعاية الصحية وتقلل الحاجة للحضور المباشر في مراكز الرعاية الصحية دون التضحية بمستوى الرعاية المقدمة. وبالطبع كان هناك حديث عن أثر الذكاء الاصطناعي على الأطباء وكيف يمكن أن يخفف الأعباء الإدارية عليهم عبر تبسيط الإجراءات واستخراج الرؤى المهمة في الوقت المناسب.
بالمجمل، سلطت الجلستان المجرتان خلال حدث Galaxy Unpacked الضوء على منظور سامسونج الفريد للذكاء الاصطناعي ومستقبله في حياتنا. حيث لا ترى الشركة في المجال مجرد تقنية تستخدم بالطريقة المعتادة عبر قصد تطبيق أو خدمة معينة، بل أنها تعمل بشكل مستمر ولو بشكل غير ملحوظ لتحسين حياة المستخدم. سواء كان ذلك عبر جعل الهاتف ذكياً أكثر ومتفاعلاً بشكل حقيقي مع المستخدم، أو عبر الأنظمة الصحية التي تدخل البيانات اليوم فيها بشكل كبير بحيث بات تحليل هذه البيانات وبناء الرؤى عليها تحولاً ثورياً يمكن أن يغير شكل صناعة الرعاية الصحية في السنوات القليلة التالية.