صعود AMD: كيف غيّرت الشركة ديناميكيات سوق معالجات الخوادم

لطالما اعتُبر سوق معالجات الخوادم من القطاعات التقنية الأكثر ثباتاً، فهو مجال قليل التقلب كونه يعتمد على عملاء كبار مؤسساتيين بدلاً من تركيزه على الأفراد. لذا وعلى الرغم من كون المجال يعج بالابتكارات الجديدة كما القطاعات التقنية الأخرى، فالتحولات ضمنه بطيئة، وتتطلب من الشركات الصاعدة تقديم عرض قيمة مغري ومستدام بشكل كافٍ لإقناع المؤسسات التي عادة ما ترسم خططها لسنوات تالية وتهتم بالاستمرارية والتوافقية بشكل كبير.

لكن وعلى الرغم من الحركة البطيئة للمجال، فقد شهد تحولات مهمة في السنوات الأخيرة. حيث شهد المجال صعوداً سريعاً لشركة AMD التي باتت تشغل مكاناً محورياً، وأثبتت نفسها كشريك مهم للمؤسسات الكبرى مع تقديمها لأجيال متتالية من المنتجات المميزة والمتكاملة بحيث تضمن استمرارية التحول الرقمي، والتوسع السحابي، وتطوير الخدمات عالية الأداء لعملائها.

جاء صعود AMD نتيجة رؤية استراتيجية عميقة استثمرت في تطوير معمارية جديدة للمعالجات، وركزت على بناء منصات متعددة الأنوية وقابلة للتوسع، مع المحافظة على معايير الكفاءة في استهلاك الطاقة والتكلفة. ولم تقتصر هذه الرؤية على ناحية تطوير التقنيات الجديدة فقط، بل امتدت لتشمل بناء شبكة شراكات مع رواد صناعة البرمجيات، ومزودي الخدمات السحابية، وشركات البنية التحتية حول العالم.

إعادة تعريف مفاهيم الأداء والكفاءة

لا تقتصر المعادلة الجديدة التي فرضتها AMD على السوق على سباق الأرقام أو مضاعفة الأنوية فحسب، بل أنها تتوسع لتقدم رؤية شاملة لكيفية استغلال موارد الخوادم، وتبسيط عمليات الترحيل، وتوفير مرونة التوسع حسب متطلبات كل قطاع. حيث إن كلاً من معمارية المعالجات الحديثة، والكفاءة العالية للطاقة، والدعم البرمجي المتزايد هي عوامل جعلت من AMD خياراً موثوقاً لدى الشركات التي تضع الابتكار في صميم أولوياتها.

في السنوات الماضية، حققت معالجات AMD EPYC نجاحات هائلة كان أبرزها الصعود إلى حصة سوقية تمثل %34 من سوق حوسبة الخوادم حول العالم. ولتسليط الضوء على التحول المهم الذي تشهده أسواق معالجات الخوادم اليوم، والمسار التصاعدي الذي تسير عبره شركة AMD، نستعرض في هذا المقال بعضاً من أهم التجارب وقصص النجاح التي حققتها شركة AMD في مختلف الصناعات والقطاعات الحيوية.

القطاع المصرفي والمالي

يعرف المجال المالي بكونه من الأكثر حساسية وتنظيماً بين مجالات الأعمال. فهناك الكثير من التشريعات التي تنظم عمله، كما أنه يتطلب موثوقية عالية كون أي انقطاع في العمليات يمكن أن يترك أضراراً كبرى على العائدات والسمعة. لكن وحتى في هذا المجال المعروف بالتحدي، حققت شركة AMDنجاحات كبرى كان أحد أمثلتها هو شراكتها مع بنك الإمارات دبي الوطني. حيث واجه المصرف تحدياً معقداً: كيف يمكنه تحسين الأداء وتبسيط البنية التحتية السحابية الخاصة، مع الحفاظ على المرونة والكفاءة في منصة تكنولوجية معقدة تضم مئات التركيبات من الأجهزة وقواعد البيانات وأنظمة التشغيل.

واجه المصرف صعوبة في إدارة التنوّع الشديد في البنية التحتية، وتباطؤ التوسع، والحاجة لأساس مرن وحديث. وكان الحل هو نشر خوادم HP ProLiant مدعومة بمعالجات الجيل الثالث من AMD EPYC. وكانت النتائج مُبهرة؛ فقد تحسّن الأداء بنسبة 42% في المتوسط، وانخفضت تراخيص البرمجيات بنسبة 20%، كما تقلّص زمن المعاملات من 1-2 ثانية إلى 0.5-1 ثانية فقط، وباتت معالجة السجلات فورية بعد أن كانت تستغرق من 30 ثانية إلى عدة دقائق.

يقول علي راي، نائب الرئيس الأول لمنصة التكنولوجيا في بنك الإمارات دبي الوطني: «كان لدينا عدد من المقترحات المطروحة عام 2021. وأجرينا الكثير من التقييمات، واختبرنا أداء قاعدة بياناتنا، وواجهات برمجة تطبيقات الخدمات المصرفية الأساسية، وعرض النطاق الترددي للذاكرة، وكيفية وصول وحدات المعالجة المركزية إلى الذاكرة. كما قمنا بالكثير من اختبارات الاستخدام عبر الويب. ووجدنا أن معالجات AMD EPYC كانت أسرع بنسبة 42% في المتوسط مقارنةً ببديل آخر، وفي بعض الحالات وصلت فرق السرعة إلى 51%.»

تتمثل قصة نجاح أخرى في المجال مع شركة ET Net للبيانات المالية، حيث اعتمدت على خوادم Lenovo ThinkSystem بمعالجات AMD EPYC لتقديم خدمات السوق المالي في الوقت الفعلي. والنتيجة كانت أداء معالجة أقوى، وسعة ذاكرة أعلى، وتوفيراً في التكلفة بنسبة 25%.

الإعلام والترفيه

مواضيع مشابهة

يتميز المجال الترفيهي اليوم باعتماده الكبير على بث الفيديو عبر الإنترنت، حيث إن الفيديو هو نوع البيانات الأكثر استخداماً على الإنترنت اليوم دون منازع. ومع النمو المستمر لهذا القطاع وحاجته لبنية تحتية قوية قادرة على التعامل مع أحجام البيانات الكبيرة، كانت واحدة من أبرز قصص نجاح AMDهي شراكتها مع منصة Netflix الشهيرة. فكان التحدي هو مضاعفة عرض النطاق الترددي لخوادم بث الفيديو المشفر من 200 إلى 400 جيجابت في الثانية. وتمكنت الشركة من تحقيق ذلك بسرعة قياسية لدى الاعتماد على معالجات AMD EPYC، وقد كان هذا التحول ضرورياً بالنظر إلى الطلب الهائل الذي شهدته منصات البث في فترة انتشار وباء كوفيد-19.

الخدمات السحابية

بالنسبة لمزودي الخدمات السحابية، تعد جميع عناصر الأداء مهمة في الواقع، بداية من مواصفات كل شريحة وقدرتها على المعالجة، مروراً باستهلاكها للطاقة وتوليدها للحرارة، وحتى «تكلفة الامتلاك» الخاص بها على المدى البعيد. وحتى في هذه البيئة المتطلبة أثبتت معالجات AMD EPYC تميزها، فباتت مكوناً متاحاً دائماً ضمن خيارات الخدمات السحابية الأكبر في العالم، كما تضمنت قصص النجاح الأخيرة شراكة مع كبرى مزودي الخدمات السحابية في أوروبا، OVHcloud.

واجهت OVHcloud تحديات متزايدة نظراً لكون العملاء يريدون المزيد من القوة الحاسوبية والكفاءة مع تقليل استهلاك الطاقة والتكلفة. وللاستجابة لهذا التحدي، قامت بتوظيف معالجات AMD EPYC من الجيل الرابع ضمن منصاتها الجديدة.

تعتمد OVHcloud الآن على معالجات مثل EPYC 9754 وEPYC 9654 لتغطية طيف واسع من استخدامات الحوسبة العامة وعالية الأداء. وقد أسفرت التحسينات عن أداء أفضل بنسبة 15–25% دون الحاجة إلى تعديلات أو محسنات، بينما كانت المعالجات الجديدة أسرع بثلاث مرات في بعض الاختبارات ذات الطلب العالي. كما أثبتت قدرة أعلى على تحمل الكثافة العالية للطلبات في أوقات الذروة مقارنة بالجيل السابق، حيث إن معالجات Zen 4أسرع بحوالي 1.5 مرة من Zen 3.

القطاع البحثي

لعل واحداً من أهم النجاحات التي حققتها معالجات AMD EPYC هو تبنيها واسع النطاق في المراكز البحثية وبالأخص في الحواسيب الخارقة. حيث إن كلاً من أكبر حاسوبين خارقين في العالم، El Capitan وFrontier يستخدمان معالجات AMD EPYC، مع كونهما أول حاسوبين خارقين في العالم يتجاوزان عتبة «إكسا فلوبس» (كونتليون – أو مليار مليار – عملية عائمة في الثانية).

بالإضافة للحواسيب الخارقة، يتم تبني معالجات AMD EPYC بشكل متزايد في المراكز البحثية التابعة للجامعات. حيث تم تبني الحواسيب القائمة على معالجات AMD EPYC في مؤسسات مثل جامعة نيويورك في أبوظبي، وجامعة واشنطن في سانت لويس الأمريكية، وجامعة UZ بروكسل البلجيكية، والمعهد الهولندي الوطني للفيزياء دون الذرية (Nekhef)، وجامعة طوكيو للزراعة والتكنولوجيا، والعديد سواها.

عبر العقد الماضي بالأخص، حققت شركة AMD تطورات هائلة وقفزة كبرى في التقنيات المستخدمة. حيث بدأت الشركة بتبني معمارية Zen، بالإضافة للبنية القائمة على الشرائح المصغرة. وبفضل هذه التطورات، والالتزام بالتطوير المستمر، حققت الشركة نتائج ممتازة جعلت معالجات AMD EPYCمرغوبة بشدة بسبب أدائها القوي، وامتلاكها لكفاءة طاقة استثنائية تترجم إلى وفورات تشغيلية، وتقليصها للبصمة البيئية.

وبالإضافة إلى التطور الكبير في القدرات، واستمرارية الأداء، كان جزء مهم من نجاح AMD هو توفير الأدوات الفعالة للترحيل من الأنظمة السابقة للشركات إلى الأنظمة القائمة على معالجات AMD EPYC. حيث إن أداة مثل VAMT، التي تم تطويرها بالتعاون مع Vmware، تسمح ترحيل 40 آلة افتراضية في أقل من 30 دقيقة، ما يُسهل الانتقال من المنتجات الأخرى إلى AMD EPYC. وبفضل هذه المقاربة المميزة، تمكنت AMD من تنمية حصتها من سوق معالجات الخوادم بشكل مستمر إلى %34، مع توقع نمو الحصة إلى %36 خلال العام الجاري.

شارك المحتوى |
close icon