كيف ترى شركات تصنيع الحواسيب صعود حواسيب الذكاء الاصطناعي – لقاء مع الرئيسة الإقليمية للتسويق في Acer

شهدت السنوات القليلة الماضية تحولاً كبيراً في مجال صناعة الحواسيب مع تحول التركيز على هذه الأجهزة من كونها مجرد أدوات تحصل على دخل محدد لتقدم خرجاً محدداً فقط، لأن تكون أدوات أكثر تفاعلية ومساعدة في المهام. حيث أدى صعود الذكاء الاصطناعي كتقنية مهمة إلى نهضة في صناعة الحواسيب التي تطورت لمجاراة الأمر وإتاحة المزيد من الخيارات للمستخدمين مع ميزات ذكاء اصطناعي محلي متقدمة.
في حلقة أخيرة من بودكاست مينا تك، كنا قد التقينا المدير الإقليمي لشركة Intel ليحدثنا عن نشأة حواسيب الذكاء الاصطناعي وأهميتها. وضمن استمرارية لهذا الحوار، نلتقي هنا جمانة كرم، رئيسة قسم التسويق في Acer الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. حيث حدثتنا عن استراتيجية الشركة ومنظورها لحواسيب الذكاء الاصطناعي وصعودها المستمر. وهنا نتناول أبرز النقاط التي ركز عليها الحوار.
من الحواسيب العملاقة إلى أجهزة ذكاء اصطناعي سهلة الحمل
عند النظر إلى التطورات الكبيرة التي شهدها مجال الحوسبة عبر تاريخه، فلا شك بكون الأمر مثيراً للإعجاب. فقبل سنوات قليلة فقط، كانت الحواسيب، بما يشمل المحمولة منها، أكبر حجماً وأثقل وزناً مع قدرات أدنى بكثير مما هو متاح حالياً. وفي الواقع، تقدم حواسيب الذكاء الاصطناعي الموجودة اليوم مستويات أداء من فئة الحواسيب الخارقة لحقبة التسعينيات مثلاً. لذا حدثتنا السيدة كرم عن رؤيتها للتحول الهام في الحوسبة قائلة:
«عندما أنظر إلى رحلتي في عالم التكنولوجيا، أستذكر البدايات عندما كانت الحواسيب ضخمة، وثقيلة، ومحدودة القدرة، ولا يمكن نقلها بسهولة. واليوم، أصبح بإمكاننا حمل لابتوب خفيف الحجم، قوي الأداء، في حقيبة يد، والعمل عليه من أي مكان. هذه القفزة النوعية لم تأخذ عقوداً، بل سنوات قليلة. والآن، الذكاء الاصطناعي يضيف موجة جديدة من التغيير لا تحتاج إلى سنوات لتتحقق، بل نراها تتحقق خلال أشهر وأحياناً أسابيع فقط. التحول القادم سيكون أسرع وأعمق، وستلعب الحواسيب دوراً محورياً فيه.»
ماذا يعني أن يكون الحاسوب ذكياً؟
فيما تقدمت الحواسيب بشكل كبير من حيث القدرات الخاصة بها عبر الوقت، فقد بقيت مهمتها الأساسية واحدة إلى حد بعيد: أداة تنجز المهام دون استقلالية أو قدرة على المنطق المتقدم. باختصار كانت الحواسيب كما اسمها، آلات حاسبة متقدمة بالدرجة الأولى. لكن الآن بدأ الأمر بالتغير مع أدوات الذكاء الاصطناعي التي باتت تتيح التفاعل الحقيقي مع الحاسوب باللغة الطبيعية مع تقديم قدرات أفضل من أي وقت مضى. وفيما أن جعل الحاسوب يفهم لغة وأوامر البشر ويتفاعل بشكل أفضل أمر متطلب من حيث الأداء، فقد كان الجواب على ذلك هو صعود وحدات المعالجة العصبية (NPU)، والتي تحدثت عنها كرم:
«في Acer، نُميز حاسوب الذكاء الاصطناعي بناءً على قدرات المعالجة العصبية، وليس فقط على المعالج المركزي التقليدي. فإذا كانت وحدة المعالجة العصبية قادرة على تنفيذ أكثر من عشرة تريليونات عملية في الثانية، فنحن نعتبر هذا جهازاً مزوداً بإمكانات ذكاء اصطناعي. وإذا تخطت هذه القدرة الأربعين تريليون عملية في الثانية، فهذا الحاسوب يمكنه تنفيذ عمليات الذكاء الاصطناعي محلياً بالكامل دون الاعتماد على الحوسبة السحابية. الأمر لا يتوقف فقط على الأرقام، بل على كيف يمكن لهذا الجهاز أن يقدم أداءً فائقاً للمستخدم، بسرعة وكفاءة، ويعزز إنتاجيته اليومية.»
البرمجيات هي نصف التجربة
بالطبع وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة لصعود عتاد الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة، بما يشمل المعالجات المزودة بوحدة معالجة عصبية، وبطاقات الرسوميات الأعلى قدرة، فالتجربة لا تكتمل بالعتاد فحسب. حيث يجب أن توجد برمجيات قوية ومصممة بشكل يسمح لها باستخدام الأداء المحتمل المتاح لها عبر الأداء المتقدم. وهنا تناولت كرم هذا الأمر متحدثة عن التعاون الكبير للشركة مع مايكروسوفت وجوجل وسواها في سبيل تقديم تجارب الذكاء الاصطناعي المتقدمة للمستخدمين:
«لا تكتمل التجربة الكاملة لحواسيب الذكاء الاصطناعي بالعتاد فقط، بل تحتاج إلى بيئة برمجية متكاملة. حيث باتت أنظمة التشغيل وأدوات الذكاء الاصطناعي المدمجة مثل Copilot من مايكروسوفت وGemini من جوجل، شريكة أساسية في تقديم تجربة استخدام سلسة ومتقدمة. بالإضافة إلى ذلك، قمنا في Acerبتطوير تطبيقات خاصة بنا، مثل Acer Sense، وهي مجموعة أدوات ذكاء اصطناعي مدمجة في أجهزتنا. هذه الأدوات تساعد المستخدم في العثور على الملفات، تعديل الصور، وتنظيم المهام بشكل ذكي دون الحاجة لتدخل معقد. نحن لا نكتفي بتقديم جهاز فحسب، بل نقدم منظومة متكاملة من الأدوات الذكية لدعم المستخدم في كل ما يحتاجه.»
الذكاء الاصطناعي ليس رفاهية
بالنظر إلى كون الذكاء الاصطناعي والميزات العديدة المرتبطة به لا يزال حديث العهد نسبياً، فهو ليس مقيداً كما التقنيات السابقة بالأجزاء الأعلى من السوق فحسب. بل باتت حواسيب الذكاء الاصطناعي اليوم متاحة ضمن فئات سعرية عديدة ومتنوعة مع تركيز على مختلف شرائح المستخدمين، وقد تحدثت كرم عن استراتيجية Acer في المجال قائلة:
«لسنا شركة تصنع أجهزة نخبوية فقط. نؤمن أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون متاحاً للجميع، وليس حكراً على من يمتلكون ميزانيات ضخمة. لذلك طوّرنا أجهزة مثل Aspire 14 AI، التي تجمع بين الأداء المدعوم بالذكاء الاصطناعي والسعر الاقتصادي، وهي متوفرة الآن في أسواق مثل الإمارات. خطتنا هي تقديم كل فئة من المستخدمين ما يناسب احتياجاتهم: من الطلاب، إلى المهنيين، إلى اللاعبين. لدينا سلاسل متعددة مثل Nitro وHelios وSwift، وكل واحدة منها تخدم شريحة مختلفة بميزات وأداء وسعر يناسبهم. التنوع في منتجاتنا هو طريقتنا لكسر الحاجز بين التكنولوجيا والإنسان.»
شراكة إستراتيجية مع Intel
بالنظر إلى كون شركة Intel هي التي قدمت مفهوم «حاسوب الذكاء الاصطناعي» الحديث، وعملت على تطويره عبر إصدارات معالجاتها المتتالية، فقد كانت من المهم التطرق إلى العلاقة التي تربط شركة Acer مع Intel وإلى أي مستوى تصل شراكتهما.
«علاقتنا مع إنتل تعود إلى عقود، وهي ليست مجرد علاقة توريد قطع. نحن شركاء حقيقيون في التطوير والتخطيط، نعمل معهم منذ 1986 حين قدمنا أول حاسوب بمعالج 386. كذلك أطلقنا أول حاسوب Chromebook بالتعاون معهم، وأدخلنا بطاقاتهم الرسومية Intel Arc في سلسلة حواسيبنا Nitro. هذا التعاون لا يقتصر على تايوان، بل يمتد إلى كل أسواقنا في العالم، حيث نعمل مع فرق Intel المحلية لضمان وصول الرسالة الصحيحة للمستهلك. حتى على المستوى التسويقي، نطلق حملات مشتركة بميزانيات مجمّعة، تتيح لنا الوصول إلى جمهور أوسع. هذا يخلق ثقة أكبر في السوق، ويعزز وضوح العلامة التجارية لدى المستخدم النهائي.»
الشرق الأوسط: أرض الفرص التقنية والنمو المتسارع
اختتمت كرم حديثها بتأكيدها على الدور المحوري الذي تلعبه منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الخليج، في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى جهود حكومية سباقة.
«منطقتنا شابة، وحيوية، وتضم أعلى نسب التفاعل مع التكنولوجيا عالمياً. الإمارات كانت السباقة بتعيين أول وزير للذكاء الاصطناعي عام 2017، والسعودية أعلنت عن استثمار 40 مليار دولار لإنشاء مركز تقني في الخليج. كما أُطلق أول مركز لأبحاث الذكاء الاصطناعي خارج أمريكا في أبوظبي مؤخراً. هذا الحراك لا يقتصر على الحكومات، بل يمتد إلى المستخدمين، فالشباب في منطقتنا متعطشون لكل ما هو جديد، ويجيدون استخدام هذه التقنيات يومياً. لذلك فإن رؤيتنا في Acer تعتمد على تقديم أجهزة تدعم هذا التوجه، وتلبي طموحات المستخدم العربي في عالم تقوده تقنيات الذكاء الاصطناعي.»