العملة الرقمية: “أرني المال”

البتكوين والعملات الافتراضية المسمية بال”كريبتو” عادت بلا فائدة،أما بالنسبة للسلسة الرقمية “البلوك تشين” فلا زال للمحكمة مجال بالحكم على برائتها و فائدتها.

 

هنالك مقولة غربية قديمة تقول أن الاسواق عادة ما تقاد بالطمع أو بالخوف. العملة الرقمية قادها الطمع إذ ارتفع سعر البتكوين من ٩٠٠$ في أواخر ٢٠١٦ إلى ما يقارب ١٩٠٠٠$ بعد سنة من ذلك أما قريبا فقد تسلل الخوف إلى معدة السوق ونزل سعر العملة إلى ما دون ٧٠٠٠$ ، أسعار العملات الاخرى الافتراضية أيضا لحقت بالبتكوين وهوت أسعارها إلى الهاوية. لا أحد يعلم أين ستذهب الاسعار من هنا، تحديد القاع في ساحة تضاربية هو أحمق من تحديد القمة، تحديد قيمة صعب جدا ولا يوجد أي طريقة منطقية لإيجاد تقييم لهذه الأصول.

 

لم يكن هذا في الحسبان، إذ أن مخترعي البتكوين كانوا يتغنون بتكنولوجيا فوضوية قد تغير مفهوم النقد “الكاش” ليصبح حرا من قيود الحكومات والبنوك ويصبح عملة دولية واحدة، وبعد عقد من الزمان، إنها تكاد لا تستخدم أصلا لهدفها المنشود. يضطر المستخدمين للتعامل مع تقنيات معقدة من السوفتوير والتخلي عن الكثير من حقوق حماية المستهلك في سبيل ذلك، القليل القليل من المحال يقبلون بها، الحماية والامان شبه معدومان ، والعملات الأخرى تستخدم أقل وأقل.

 

مع عدم وجود زبائن استراتيجيين لتدعيم موقفها وقطع طريق تسجيلها لدى البنوك المركزية لم تجد العملة الافتراضية مكانا جيدا في السوق سوى المضاربات. لقد كون الكثيرون الثروات من وراء هذه الموجة وخسر آخرون الكثير ولا يتوقع أن تكون هذه هي آخر موجات الارتفاع والهبوط.

 

يعرف الاقتصاديون العملة بثلاثة خصائص:

 

١. وسيلة أو أداة تبادل سلع أو قيم

٢. آداة تخزين للقيمة

٣. وحدة حساب

 

مواضيع مشابهة

مع عدم وجود المتبنيين ونسب التذبذب العالية فقدت العملات الرقمية كل هذه الخاصيات الثلاث ، ولكن هذا لا يعني انها ستختفي من الوجود، ولا في ظل محاربة المشرعين لها وعدم استنادها على اساس واقعي ستظل العملات الرقمية في كازينو من عدم الثقة والقمار.

 

هل يستطيع البلوكتشين “السلسلة الرقمية” أن يؤدي أداء أفضل؟ هؤلاء يظن بهم أنهم قاعدة بيانات تمييزية حيث تصبح البيانات موجودة لدى جميع المستخدمين وليست عند سلطة مركزية واحدة و حيث الادخالات لا يمكن تغييرها مجرد ما أدخلت. يقول المؤيدون أن هذه الميزات قد تساعد على حل الكثير من المشاكل كتوحيد، تبسيط وارشاد الحوالات البنكية، الحفاظ على حقوق الملكية وتكيبت دوائية إلى حتى تسجيل بيانات لا تزور لللاجئين.

 

لا يزال يوجد الكثير من الادعاءات، يدعمها الكثير ممن تبنوا العملة الوهمية ليدعموا مواقفهم، والشركات التي تستخدم البلوكتشين عادة ما يرمون بعرض الحائط معظم الميزات الجيدة وتسفير البيانات ذهابا وإيابا جعل هذه التقنية بطيئة.

 

ومع انتشار هذه المعلومات بدأ الضجيج بالهدوء، قامت العديد من المنظمات مثل “سويفت” شبكة تحويلات للبنوك و “سترايب” شركة مدفوعات رقمية قد تخلت عن البلوكتشين استنتاجا بأن التكلفة تتجاوز الفائدة. الكثير من المشاريع الاخرى ما تزال قيد التجربة، إذ أعلنت حكومة سييرا ليون عن تنفيذ الانتخابات عن طريق سلسلة الكتل البيانية ثم تخلت عن ذلك.

 

لا يعني أن كل هذا الضجيج أن هذه التقنية بلا فائدة او استخدام يذكر، فمجرد القدرة على جمع المستخدمين بطريقة جماعية وتجييشهم لعمل شيء ما قد يثبت فوائد أخرى في المستقبل في مجالات لا تشترط فيها القيادة المركزية كالتجارة الدولية مثلا، ولكن لا يوجد ترياق لما قد تسببه هذه التقنية من تكلفة باهظة، تعقيدات، وتوقعات خيالية.

 

العملات الافتراضية ربما نسيت هدفها الاساسي من وجودها فذابت في بحر المضاربات بلا فائدة وضلت عن تحقيق طموحاتها الاستراتيجية، وانطبق عليها القول السائد: ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع، أما بالنسبة للسلسلة الرقمية فلا زال لديها بعض الوقت لتثبت أنها قادرة على تلبية الإدعاءات الكبيرة التي قامت بإطلاقها.

 

نقلا عن مجلة الايكونوميست البريطانية

شارك المحتوى |
close icon