لماذا توقف Robinhood وتطبيقات التداول الأخرى عن تداول سهم GameStop فجأة؟

في الأيام الماضية كانت أخبار سهم شركة GameStop هي محط اهتمام متابعي المجال التقني والمجال المالي على حد سواء، حيث أن ما حدث هو واحد من أغرب الحوادث في البورصة الأمريكية منذ سنوات الآن، ومع أنه ليس مميزاً حقاً من حيث نتائجه، فقد كان مختلفاً تماماً عن المرات الماضية بكونه بدأ من مستخدمي الإنترنت بدلاً من الشركات الاستثمارية الكبرى هذه المرة.

 

في هذا الموضوع سنشرح ما حصل بشكل مبسط، لكن التركيز الأهم سيكون على ما حدث بعد الموجة الأولى من المضاربة الشديدة التي رفعت قيمة سهم GameStop بشكل كبير، حيث قام تطبيق Robinhood (أحد أكبر تطبيقات التداول في العالم) بإيقاف تداول أسهم وعقود وخيارات GameStop بشكل مؤقت، وبالنتيجة كان هناك هجوم كبير من المستخدمين الغاضبين ضد التطبيق، وهنا سنشرح السبب وهل كان الأمر كما تم تصويره “مؤامرة من الشركات الاستثمارية الكبرى” أم مجرد أمر ضروري للمنصة.

 

ما الذي حدث؟

 

لماذا توقف Robinhood وتطبيقات التداول الأخرى عن تداول سهم GameStop فجأة؟
تغير سعر سهم GameStop منذ مطلع عام 2021

 

خلال السنوات الأخيرة كانت شركة GameStop في حالة تراجع مستمر وانحدار نتيجة هبوط مبيعاتها وانتقال معظم زبائنها السابقين للشراء من الإنترنت بدلاً من متاجرها. مع المستقبل القاتم للشركة، كان العديد من المستثمرين الكبار متأكدين من أن سهم الشركة سيستمر بالانخفاض مستقبلاً، مما قادهم للدخول في عقود بيع للشركة، أي أنهم راهنوا بالكثير من المال على أن سعر السهم سيستمر بالهبوط.

 

بالمقابل وضمن إحدى مجموعات موقع Reddit المهتمة بالتداول لاحظ المستخدمون ذلك، وقررت مجموعة منهم تشجيع البقية على الاستثمار بأسهم الشركة بشكل مركز لتحقيق الربح نتيجة رفع سعر السهم من جهة، والتسبب بالخسائر للشركات الاستثمارية المراهنة.

 

كانت النتيجة ارتفاع أسهم GameStop بشكل جنوني لتتضاعف عدة مرات خلال يومين فقط، وخسرت الشركات الاستثمارية مبالغ هائلة وصلت حتى 25 مليار دولار وفق بعض التقديرات.

 

هذا الشرح مبسط للغاية وغير كافٍ إن كنت تريد الإحاطة بالأمر بشكل جيد، لكن يمكنك مراجعة مقالنا السابق: كيف تسبب بعض مستخدمي الإنترنت بخسائر بالمليارات للشركات الاستثمارية، والذي يخوض بالأمر بشكل تفصيلي لكن مبسط يساعد على فهم ما حدث بالشكل الأفضل.

 

بعدما ارتفع سعر سهم GameStop وبدأ بالتقلب بشكل كبير، قام تطبيق Robinhood وعدة تطبيقات تداول كبرى أخرى بإيقاف التداول لسهم الشركة عبرها، وسرعان ما جلب ذلك غضب الإنترنت مع عشرات آلاف التقييمات السلبية وحملة شديدة ضد التطبيق مع اتهامه بكونه متواطئاً مع الشركات الاستثمارية التي تضررت ويحاول مساعدتها ضد المستثمرين الصغار.

 

اقرأ أيضاً: الأثرياء يزدادون ثراءً: من جمع أكبر حجم من الثروة خلال عام 2020؟

 

لماذا قام تطبيق Robinhood بإيقاف التداول؟

 

مواضيع مشابهة

لماذا توقف Robinhood وتطبيقات التداول الأخرى عن تداول سهم GameStop فجأة؟

 

عند محاولة تفسيره للأمر، كانت حجة تطبيق Robinhood لإيقاف التداول لسهم GameStop وعدة أسهم أخرى هي أنه كان مجبراً على القيام بالأمر، حيث كان مضطراً لتوفير السيولة المالية لزيادة إيداعه لدى شركة باسم DTCC ليتمكن من تداول الأسهم من جديد. لكن ومع أن الكثير من مستخدمي الإنترنت رأوا أن السبب مزيف، فهو مقنع للغاية في الواقع، وبفهم آلية عمل سوق الأسهم يصبح الأمر واضحاً أكثر.

 

عندما يقوم مستثمر ما بشراء أو بيع سهم ما، فهو يقوم بالأمر عبر تطبيق من تطبيقات التداول أو وسيط آخر عادة، ومن منظور المستثمر تبدو الأمور وكأنها تجري بشكل لحظي. لكن وفي الواقع لا تكون الأمور كذلك، بل أن هناك فترة انتظار تصل حتى يومين ليتم تبادل الأسهم والأموال في الواقع.

 

عادة ما تتم معالجة صفقات بيع وشراء الأسهم عبر شركات مختصة بالأمر، وفي الولايات المتحدة تتم معظم هذه العمليات ضمن شركة DTCC في الواقع، حيث تقوم الشركة بإتمام الصفقات بين مختلف الوسطاء ونقل ملكية السهم من وسيط لآخر، ونقل القيمة المالية بالعكس مقابل عمولة صغيرة لفعل ذلك.

 

اقرأ أيضاً: أكبر العلامات التجارية في العالم لعام 2021: المجال التقني مستمر بالسيطرة

 

الهدف من وجود شركة مثل DTCC وإضافة التأخير على إتمام الصفقة هو منع الكوارث الاقتصادية التي قد تنتج من توقف أحد الوسطاء عن العمل لسبب ما، حيث تقوم هذه الآلية من حد تأثيرات ذلك بشكل كبير وتضمن استمرارية عمل البورصة كما هو مخطط.

 

بطبيعة الحال تواجه شركة DTCC مخاطر مالية في حال فشل أي من الوسطاء بتقديم التزاماته المالية أو تقديمه للأسهم المطلوبة مثلاً، حيث أن الشركة تضمن حدوث الصفقات وستكون هي المسؤولة عن إكمالها مع أحد الطرفين في حال تنصل الطرف الآخر منها لسبب مثل توقفه عن العمل أو انهياره مثلاً.

 

للتعامل مع هذه المخاطر المرتبطة بعملها، تقوم شركة DTCC بإلزام الوسطاء بوضع وديعة مالية ذات قيمة معينة، وفي حال فشل الوسيط بالإيفاء بالتزاماته تستخدم الوديعة لإتمام الأمر وتجنيب الشركة الخسارة. لكن وبطبيعة الحال لا تكون قيمة الوديعة ثابتة هنا، بل أنها متغيرة حسب حجم التداول الذي يحدث ومقدار التقلب الذي يصيب كل سهم، فحالات التداول الشديد والتقلبات الكبرى تعني احتمال خسائر أكبر في حال تنصل الوسيط من التزاماته، لذا يتم إلزامه بوضع وديعة أكبر ليتمكن من الاستمرار بالعمل مع الأصول عالية التقلب والتداول مثلاً.

 

اقرأ أيضاً: كيف تسبب إيلون ماسك بتقلبات أسواق المال والأسهم مراراً وتكراراً

 

ما حصل في حالة Robinhood يبدو مقنعاً للغاية في الواقع، حيث أن التقلبات الكبرى وكمية التداول الهائلة للسهم في الأيام الأخيرة تعني أن شركة DTCC رفعت قيمة الوديعة المرتبطة بتداول هذا السهم دون شك، وفي حالة الكثير من الوسطاء سيكون من الصعب الحصول على المال اللازم للوديعة بسرعة، وهنا يتم إيقاف التداول لوقت مؤقت ريثما يتم إيداع المبلغ الإضافي المطلوب للسماح لهم بالاستمرار.

 

بالطبع لا يمكن الجزم بكون هذا ما حدث تماماً وسط غياب التوضيحات عنه، لكن هذا الاحتمال يبدو مقنعاً أكثر بكثير من الحجج التي يتم تداولها عبر الإنترنت والتي تفترض قيام شركات الوساطة بالتآمر مع الشركات الاستثمارية ضد المستثمرين المستقلين، وبالأخص في حالة تطبيقات التداول التي يشكل الأفراد زبائنها الأساسيين.

شارك المحتوى |
close icon