رئيس OpenAI يحذر: الذكاء الاصطناعي سيلغي العديد من مجالات العمل

شهدت السنوات الأخيرة سيلاً من التحذيرات من الرؤساء التنفيذيين حول قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على القضاء على عدد كبير من الوظائف، لكن هذه التحذيرات تصبح أكثر إثارة للقلق عندما تصدر عن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI. حيث صرّح ألتمان خلال زيارته إلى واشنطن بأن هذه التقنية قد تمحو فئات وظيفية بأكملها، وعلى رأسها وظائف دعم العملاء التي وصفها بأنها الأكثر عرضة للخطر.
خلال مشاركته في مؤتمر Capital Framework for Large Banks الذي استضافه مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، تناول ألتمان أحد أكثر المواضيع جدلاً حول الذكاء الاصطناعي التوليدي: تأثيره على سوق العمل. وأوضح قائلاً: «لا أحد يعرف حقاً ما الذي سيحدث بعد ذلك»، لكنه أكد اعتقاده بأن «بعض المجالات ستختفي تماماً، بلا رجعة» لصالح الذكاء الاصطناعي.
أشار ألتمان إلى أن وظائف خدمة العملاء تأتي في مقدمة الفئات المهددة، قائلاً: «هذه فئة يمكنني أن أقول عنها ببساطة: عندما تتصل بدعم العملاء، ستتعامل مباشرة مع الذكاء الاصطناعي، وهذا لا بأس به». وأضاف بطريقة ساخرة: «بصفتي آلة بلا مشاعر، فإن إساءتك لا تعني لي شيئاً.»
شرح ألتمان كذلك كيف أن وكلاء الذكاء الاصطناعي يغيرون قطاع خدمة العملاء بشكل جوهري، ويجعلون من بعض المهام البشرية شيئاً من الماضي. وفي حديثه مع ميشيل بومان، نائبة رئيس الاحتياطي الفيدرالي للإشراف، قال: «الأمر يشبه التعامل مع شخص فائق الذكاء والكفاءة. لا يوجد شجرة خيارات هاتفية، ولا تحويل للمكالمات. يستطيع أن يفعل كل ما يستطيع موظف دعم العملاء فعله دون أخطاء، وبسرعة فائقة. تتصل مرة واحدة، ويُنجز كل شيء مباشرة.»
لكن رغم ثقته بقدرات الذكاء الاصطناعي، فالواقع يكشف أن الطريق ما زال طويلاً قبل أن تستبدل الآلات البشر بشكل تام في مجال خدمة العملاء. ولعل الكثيرين ممن تعاملوا مع وكلاء الذكاء الاصطناعي ضمن خدمة العملاء يدركون كمية الإحباط الناتجة عن التعامل مع هذه الروبوتات التي عادة ما تكون أقل قدرة على المساعدة من الموظفين البشر.
مؤخراً، كان مجال خدمة العملاء محور قصة عودة غير متوقعة للعمال البشر على حساب الذكاء الاصطناعي. فقد كانت شركة Klarna، المتخصصة بخدمات اشتر الآن وادفع لاحقاً، تعتمد على الذكاء الاصطناعي في أكثر من ثلثي محادثات خدمة العملاء، لكنها أرغمت على العودة لتوظيف البشر باعتراف رئيسها التنفيذي سيباستيان سييمياتكوفسكي، الذي قال إن الروبوتات أرخص من الموظفين الحقيقيين، لكنها توفر جودة أدنى في الخدمة. كما أكد على ضرورة إبقاء خيار الحديث مع شخص حقيقي متاحاً للمستخدمين.
الأمر لا يقتصر على وظائف دعم العملاء. فوفقاً لألتمان، يمكن للذكاء الاصطناعي أداء مهام بمستوى يفوق حتى بعض أفضل الأطباء. لكنه اعترف، مع ذلك، بأنه لا يزال غير مرتاح لتسليم قرارات الرعاية الصحية للذكاء الاصطناعي وحده. وقال: «يستطيع ChatGPT اليوم، في أغلب الأحيان، تقديم تشخيصات أفضل من معظم الأطباء حول العالم. ومع ذلك، لا يزال الناس يذهبون إلى الأطباء. وربما أبدو من الطراز القديم، لكنني فعلاً لا أريد أن أضع مصيري الطبي بين يدي ChatGPT دون إشراف طبيب بشري.»
على الرغم من كونه رئيساً لشركة تقود ثورة الذكاء الاصطناعي، لم يُخفِ ألتمان قلقه من السرعة التي تتطور بها التقنية وقدرتها المتزايدة على إلحاق الأذى بالبشرية. ومن السيناريوهات التي تؤرقه، وفق تعبيره، أن تقوم دولة معادية باستخدام الذكاء الاصطناعي لمهاجمة النظام المالي الأمريكي. كما حذر من قدرة التقنية على تقليد الأصوات بدقة عالية، ما قد يؤدي إلى زيادة في حالات الاحتيال وسرقة الهوية، خصوصاً مع استمرار بعض المؤسسات المالية في استخدام بصمات الصوت كوسيلة تحقق.
داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic المنافسة لـ OpenAI، هو أيضاً من بين من يرون أن الذكاء الاصطناعي سيقضي على وظائف كثيرة. وتوقع اختفاء نصف الوظائف المكتبية للمبتدئين خلال السنوات الخمس المقبلة. وسبق أن شارك عدد من الرؤساء التنفيذيين البارزين هذه التوقعات، منهم أندي جاسي من Amazon، وجيم فارلي من Ford، وتوبي لوتكه من Spotify، وستيفان بانسيل من Moderna. لكن في النهاية، يبدو أن تقليص التكاليف وإرضاء المساهمين يتصدران قائمة الأولويات – حتى لو كان الثمن تسريح مئات الآلاف من الأشخاص.