هل يجب أن تشتري كاميرا احترافية اليوم؟ أم أن الهاتف الذكي بات كافياً؟

بالعودة بالزمن حوالي 15 عاماً، كان هناك خيارات محدودة في الواقع للحصول على صور عالية الجودة. إما أن تشتري كاميرا رقمية رخيصة من نوع “Point and Shoot” أو أن تستخدم كاميرا احترافية مثل كاميرات DSLR وMirrorless. حيث كان التصوير باستخدام الهاتف حينها فكرة سيئة في الواقع، وحتى في أفضل الحالات كانت الصور الملتقطة أدنى جودة بكثير مما هو مقبول أو معتاد.

 

مع الوقت تغير المجال إلى حد بعيد في الواقع، فقد خرجت كاميرات Point and Shoot من السوق بشكل كامل تقريباً، بينما تطورت كاميرات الهواتف بشكل هائل جعلها تقدم صوراً أعلى دقة وجودة مع خيارات أفضل من أي وقت مضى، بل أن الكثير من الهواتف الذكية الحديثة باتت تركز على الكاميرا كمحور تسويق أساسي لها.

 

لذا ومع الصعود المذهل لجودة كاميرات الهواتف الذكية، بات السؤال الذي يراود الكثيرين من محبي التصوير: أيهما أفضل، شراء كاميرا احترافية للتصوير أم استثمار المال في شراء هاتف ذكي من فئة عالية يقدم ميزات كاميرا جيدة. وهنا سنحاول الإجابة على هذا السؤال بالشكل الأفضل.

 

إن لم تكن محترفاً وتعمل في مجال التصوير، فشراء كاميرا احترافية ليس خياراً جيداً

سواء كنت مستخدماً عادياً تلتقط الكثير من الصور الشخصية وبالأخص أثناء الرحلات والنزهات، أم أنك هاوٍ تحب تصوير كل ما يخطر بالبال حولك، فالواقع هو أن الكاميرا الاحترافية ليست خيارك الأفضل أبداً، بل أنها قد تكون فكرة سيئة جداً في الواقع للعديد من العوامل.

 

بالنسبة لمن يعملون في مجال التصوير، لا شك بكون شراء كاميرا احترافية يستحق الاستثمار المالي واستثمار الجهد كذلك، لكن إن كنت هاوياً للتصوير فقط، أو أنك تخطط لاحتراف التصوير في وقت لاحق فأنت لا تحتاج كاميرا احترافية في الواقع، وهناك بعض النقاط الأساسية ضد قرار شرائها:

 

الإعدادات الأعقد ومنحني التعلم الحاد

 

التصوير باستخدام هاتف ذكي أمر بسيط إلى حد بعيد، فكل شيء تقريباً متحكم به تلقائياً، وسوى خيار التقريب لا توجد الكثير من الأمور التي تحتاج للضبط قبل التقاط صورة ما. ومع أن الكاميرات الاحترافية تتيح التقاط الصور بسرعة كذلك، فالاستفادة منها لن تتحقق دون أن تدخل في مجال الضبط المتقدم لإعدادات الكاميرا.

 

لتتمكن من الاستفادة حقاً من كاميرا احترافية، يجب أن تتعلم الكثير من الأمور عن الضوء وتعامل الكاميرا معه وتأثير فتحة العدسة والحساسية وسرعة الغالق وسواها. في الواقع ستحتاج لما يشبه دراسة التصوير بشكل أولي لفهم العوامل المؤثرة على الصور، بالإضافة إلى الكثير من التدريب لتقدر القيم المناسبة لكل حالة بحيث تظهر الصور بالشكل الذي تريده.

 

التكاليف المرتفعة جداً

 

نظرياً قد يبدو العامل المالي لصالح الكاميرات الاحترافية في الواقع، فهواتف الفئة العليا اليوم تكلف حوالي 1000 دولار أمريكي عادة، بينما يمكن الحصول على الكاميرات الاحترافية بأسعار تبدأ من 400 دولار فقط. لكن عندما تفكر بالخيارات المتاحة والتكاليف الإضافية تصبح الأمور مختلفة للغابة وتميل الكفة لصالح هاتف ذكي أفضل.

 

مع أن الكاميرات الاحترافية تبدأ من حوالي 400 دولار فقط، فالكاميرات الجيدة حقاً ستكلف حوالي 1000 دولار على الأقل، مع خيارات تصل إلى عدة آلاف من الدولارات لتحصل على كاميرا احترافية من الفئة العليا. وبإضافة الأسعار الباهظة جداً للعدسات والملحقات يصبح من الواضح أن الكاميرات الاحترافية ليست خياراً موفراً للمال أبداً.

 

قبل عدة سنوات كان النقاش لصالح الكاميرات الاحترافية كونها تقدم ميزات إضافية هامة، لكن هواتف الفئة العليا الحديثة باتت تتيح ميزات عديدة كانت حصرية للكاميرات الاحترافية في الماضي، فالتقريب البصري والزاوية العريضة وفتحة العدسة المتغيرة وتشويش خلفية الصور باتت متاحة على نطاق واسع حتى في هواتف الفئة المتوسطة، وباستثناء الجودة العالية جداً بات من الصعب تمييز الكاميرات الاحترافية في الواقع.

 

اقرأ أيضاً: كيف تستطيع كاميرا OnePlus 8 Pro رؤية ما تحت البلاستيك؟

 

الصيانة الأصعب

 

مواضيع مشابهة

كما أي أداة أخرى، تحتاج الكاميرات الاحترافية إلى عناية خاصة لتستمر بالعمل بالشكل المتوقع. لكن الاختلاف هنا هو أن العناية بكاميرا احترافية أصعب بكثير من العناية بهاتف ذكي. ولعل واحدة من أبرز هذه الأمور هي تأثير السقوط والصدمات، حيث أن أي سقوط من الممكن أن ينهي حياة الكاميرا الاحترافية أو يتسبب بضرر هائل لها، فيما أن الهواتف الذكية الحديثة تنجو من الكثير من السقطات بسبب خفة وزنها، واحتمال وجود ضرر هائل أقل بوضوح حتى.

 

في حال استثنينا موضوع الصدمات والسقوط، فحتى العناية المعتادة مختلفة هنا، فكل ما تحتاجه للتصوير بهاتف ذكي هو التأكد من عدم وجود أوساخ على العدسات، ويمكن تنظيفها ببساطة بمنديل ورقي أو طرف القميص حتى، لكن الكاميرات الاحترافية تحتمل دخول الاوساخ إلى العدسة نفسها أو وصولها إلى الحساس حتى، وعندها ستحتاج إلى أدوات تنظيف خاصة وعمليات تنظيف دورية لتضمن أن بضع ذرات من الغبار لن تخرب الصور القادمة.

 

الاستخدام المحدود نوعاً ما

 

مع أن الكاميرات الاحترافية تلتقط صوراً بجودة أفضل عادة، فهي لن تكون متاحة في كل الحالات في الواقع. فالكاميرا ليست صغيرة كفاية لتحملها في جيبك مثلاً، ولن تكون معك في معظم الحالات التي تريد فيها التقاط الصور بشكل عفوي، بل أن استخدام الكاميرا سيكون محصوراً في الأوقات التي تعلم مسبقاً أنك ستلتقط صوراً خلالها.

 

في عالم اليوم بات الهاتف الذكي في جيوبنا طوال الوقت، ومعظم الأشخاص لا يفارقون هواتفهم إلا لدقائق فقط على الأكثر، أي أن الهاتف متاح دائماً لالتقاط الصور في أي ظرف وفي أي مكان، لكن الكاميرا لن تكون كذلك، وبسبب حجمها ووزنها الكبيرين فهي خارج الاستخدام معظم الوقت في الواقع.

 

اقرأ أيضاً: تطبيق “فوتوشوب كاميرا” يصل أخيراً للهواتف الذكية

 

ما الذي يميز الكاميرات الاحترافية عن كاميرات الهواتف اليوم

 

هل يجب أن تشتري كاميرا احترافية اليوم؟ أم أن الهاتف الذكي بات كافياً؟

كثيراً ما تتكرر ادعاءات أن كاميرات الهواتف قد وصلت إلى مستوى الكاميرات الاحترافية أو أنها قد تجاوزتها حتى. ومع أن هذه الادعاءات تصدر من شركات كبرى أحياناً، فهي كاذبة تماماً، والواقع هو أن الكاميرات الاحترافية لا تزال أفضل بوضوح من أي كاميرا هاتف حالية أو في المستقبل القريب حتى.

 

الفرق الأساسي ربما هو آلية التعامل مع الصور، حيث أن الكاميرات الاحترافية تقدم إمكانيات عالية من العتاد مع حد أدنى من معالجة الصور (عادة ما يفضل المحترفون إجراء المعالجة اللاحقة بأنفسهم)، فيما أن كاميرات الهواتف تستند على معالجة الصور بشكل كبير للغاية لتعويض الفجوة الكبيرة من حيث أداء عتادها مقابل الكاميرات الاحترافية.

 

في الواقع يعود السبب الأساسي لكون صور الكاميرات الاحترافية أفضل وأعلى جودة (مع التأكيد على كون الجودة والدقة لا يمتلكان نفس المعنى أبداً) هو حجم الحساس، حيث أن الحساس هو جزء مكون من العديد من النقاط الصغيرة التي تستقبل الضوء وتصدر إشارة كهربائية تتناسب مع شدته وبجمع هذه الإشارات الكهربائية وتحويلها إلى قيم يتم صنع الصور الرقمية.

 

في الهواتف الذكية عادة ما يكون حجم حساس الكاميرا صغيراً للغاية وبحجم ظفر الإبهام على الأكثر، لكن في الكاميرات الاحترافية الأمر مختلف للغاية حيث أن حساسات الكاميرات الاحترافية أكبر بكثير وتصل حتى 36x24mm أي أكبر بعشرات المرات من الحساس المعتاد في الهواتف الذكية.

 

اقرأ أيضاً: أفضل كاميرات المبتدئين في : سوف نساعدك على اختيار الأنسب لك

 

في حال توحيد كل شيء، فالحساسات الأكبر تستطيع التقاط الضوء بشكل أفضل بكثير مما يقلل من مشاكل التشوش، وبالنتيجة تكون الصور ذات جودة أعلى بكثير ومع ألوان أكثر واقعية مقارنة باستخدام حساسات صغيرة مع دقة عالية حيث يكون حجم البكسل صغيراً جداً وتنتج صورة مع جودة أقل وتفاصيل غير واضحة كفاية.

 

عموماً لا تزال الكاميرات الاحترافية تمتلك مكاناً هاماً اليوم لمن يريد التعمق في مجال التصوير الفوتوغرافي، والكثير من الأمور المتاحة فيها لا تزال بعيدة عن الوصول إلى الهواتف الذكية. لكن كهاوٍ أو كمصور غير محترف فالاحتمال الأكبر أنك لن تحتاج كاميرا احترافية حقاً وبالأخص إن لم تكن ذا خبرة كافية في المعالجة اللاحقة للصور عبر برمجيات مثل Adobe Lightroom.

شارك المحتوى |
close icon