كيف تنقذ الوسائد الهوائية الأرواح؟ العلم وراء هذه الأجهزة المنقذة للحياة

تعد الوسائد الهوائية وأحزمة الأمان من بين أجهزة الأمان الأكثر استخداماً. في الواقع، أصدر كونغرس الولايات المتحدة تشريعًا في عام 1991 يطالب صانعي السيارات بتركيب وسائد هوائية على جانبي المقاعد الأمامية لسياراتهم وشاحناتهم الخفيفة. إذ دخل هذا القانون حيز التنفيذ في عام 1998، على الرغم من حقيقة أن جنرال موتورز (General Motors) قد باعت بالفعل سيارتها الأولى مع وسادة هوائية أمامية للركاب في عام 1973، وهي نسخة خاصة من Oldsmobile Impala. كما تم توفير الوسائد الهوائية الجانبية للسائق، والمعروفة بنظام Air Cushion Restraint System، كخيار في سيارات Oldsmobile كاملة الحجم وCadillac وBuick ابتداءً من عام 1975. وكانت Porsche 944 Turbo أول سيارة تأتي بشكل قياسي مع وسائد هوائية للسائق والراكب في عام 1987.

 

وفقًا للإدارة الوطنية الأمريكية لسلامة المرور على الطرق السريعة (National Highway Traffic Safety Administration – NHTSA)، أنقذت الوسائد الهوائية الأمامية أكثر من 50 ألف أمريكي ما بين عامي 1987 و2017.

 

في حين أنه من الصحيح أن النشر السريع للجيل الأول من الوسائد الهوائية أضر بالبعض (خاصة الأطفال وأولئك الذين يتعرضون لحوادث على سرعات منخفضة)، فإن المستشعرات الحديثة وغيرها من التقنيات جعلت الوسادة الهوائية أكثر أمانًا، ولا شك في أن الوسائد الهوائية يمكن أن تقلل خطر حدوث وفيات أثناء حادث سيارة بنسبة لا تقل عن 30%.

 

ما هي الوسادة الهوائية؟

 

الوسادة الهوائية هي جهاز أمان في مركبات القيادة يتكون من وسادة تنتفخ تلقائياً خلال جزء من الثانية أثناء الاصطدام، مما يؤدي إلى إبطاء اندفاع السائق أو الراكب للأمام ومنع ركاب السيارة من الاصطدام بعجلة القيادة أو لوحة القيادة أو الزجاج الأمامي. يُنظر إليها على أنها نظام تقييد تكميلي يكمل الحماية التي يوفرها حزام الأمان، ولكنها لا تحل محله (وهي في الواقع تعمل بشكل أفضل عند استخدامه مع حزام الأمان).

 

الوسادة الهوائية للراكب الأمامي مثبتة في لوحة القيادة، والوسادة الهوائية للسائق مثبتة في رأس عجلة القيادة. تبقى الوسادة الهوائية “مخفية” حتى تحدد أجهزة استشعار متعددة أن الوقت قد حان لتشغيلها وإشعال الغاز الذي ينفخ الكيس بسرعة. بعد ذلك، تبدأ الوسادة بالانكماش تلقائياً حيث يتم تنفيس الغاز من خلال فتحات صغيرة.

 

أنواع الوسائد الهوائية

 

الوسائد الهوائية الأمامية: وهي أكثر أنواع الوسائد الهوائية انتشاراً إذ تكون مصممة لحماية السائق، والراكب الأمامي من الاصطدامات الأمامية أو شبه الأمامية. ومع ذلك، تم تطوير الوسائد الهوائية الجانبية لأن هذه الأنواع من الوسائد الهوائية لا توفر أي حماية في حالة الانقلاب أو الاصطدامات الجانبية.

 

الوسائد الهوائية الجانبية: هي وسائد هوائية تنتفخ من جوانب السيارة من الباب أو مسند ظهر المقعد أو السقف، إذ توجد وسائد هوائية جانبية مصممة لحماية الرأس، بينما تصنع الوسائد الهوائية الأخرى لحماية الصدر، وأخرى مصممة لكليهما. الهدف هو إنشاء حاجز طري بين راكب السيارة وأي أجسام قد يصطدم بها، بما في ذلك عمود، أو شجرة، أو الأرض في حالة حدوث تصادم انقلاب، أو أي شيء آخر.

 

الوسائد الهوائية الأمامية المركزية (الوسائد الهوائية الجانبية البعيدة): تنتفخ بين المقاعد الأمامية للسيارة لمنع السائق والراكب الأمامي من الاصطدام أثناء الاصطدام الجانبي أو الانقلاب. طورت شركة جنرال موتورز وسائد هوائية أمامية مركزية في عام 2013، إذ تتوفر أيضاً وسائد هوائية للنافذة الخلفية والوسطى، وهي مصممة لحماية الركاب في المقعد الخلفي في حالة حدوث تصادم من الخلف.

 

الوسائد الهوائية للركبة: هي وسائد هوائية توضع أسفل عجلة القيادة، إذ تنتفخ من الجزء السفلي من لوحة القيادة لمنع إصابات ركبة السائق أثناء الاصطدام. ومع ذلك شكك معهد التأمين للسلامة على الطرق السريعة (Insurance Institute for Highway Safety – IIHS) في فعاليتها.

 

من اخترع الوسائد الهوائية للسيارة؟

 

بدأ تاريخ الوسائد الهوائية في عام 1952، عندما قدم المهندس الأمريكي جون دبليو هيتريك (John W. Hetrick) براءة اختراع لـ “تجميع وسادة الأمان لمركبات السيارات”.

مواضيع مشابهة

 

يعود الفضل إلى هيتريك، وهو ضابط في البحرية الأمريكية، باختراع الوسادة الهوائية، على الرغم من أن اختراعه لم يثير اهتمام مصنعي السيارات في ذلك الوقت. لكن في عام 1953، حصل المهندس الألماني والتر ليندرر (Walter Linderer) على براءة اختراع ألمانية للوسادة الهوائية الخاصة به، والتي كانت تعتمد أيضاً على نظام الهواء المضغوط.

 

وتجدر الإشارة إلى أن الوسادة الهوائية التي اخترعها هيتريك كانت غير فعالة تماماً لأنها انتفخت باستخدام الهواء المضغوط، ولم تنتفخ بسرعة كافية لحماية راكب السيارة أثناء وقوع حادث سيارة حقيقي. علاوة على ذلك كانت الآلية غير دقيقة للغاية لأنه تم تنشيطها بواسطة الزنبرك أو تأثير الصدمات.

 

بعدها، اخترع المهندس الأمريكي آلن كاي بريد (Allen K. Breed) آلية الكرة في الأنبوب للكشف عن التصادم في عام 1967، والتي حلت محل آلية هيتريك. وقد كان التصميم عبارة عن مستشعر كهروميكانيكي مع كرة فولاذية مثبتة مغناطيسياً في أنبوب. وعندما يتم تشغيل النظام، يتسبب في انفجار أسيد الصوديوم، مما يؤدي إلى نفخ الوسادة الهوائية بشكل أسرع بكثير من الهواء المضغوط.

 

يعود الفضل إلى اختراع آلن في إطلاق صناعة الوسائد الهوائية، على الرغم من أن الوسائد الهوائية لم يتم إدخالها فعلياً على السيارات حتى السبعينيات وتم التخلص منها لاحقًا من قبل شركات صناعة السيارات الأمريكية بسبب نقص الطلب. لكن في الواقع ضغطت شركتي فورد (Ford) وجنرال موتورز ضد لوائح الوسادة الهوائية لسنوات، بحجة أن الأجهزة لم تكن قابلة للتطبيق، قبل البدء في تقديمها مرة أخرى حوالي عام 1984.

 

كيف تعمل الوسائد الهوائية؟

 

يتم التحكم في الوسائد الهوائية الحديثة بواسطة وحدة تحكم إلكترونية تُعرف باسم وحدة التحكم في الوسادة الهوائية (Airbag Control Unit – ACU).

 

تقوم وحدة ACU بمراقبة ومعالجة الإشارات من مختلف المستشعرات، مثل مستشعرات التأثير، وأجهزة استشعار سرعة العجلة، ومستشعرات ضغط الفرامل، والجيروسكوبات، ومقاييس التسارع، وما إلى ذلك، لتحديد ما إذا كان ينبغي أن تنتفخ الوسادة الهوائية في أي وقت.

 

من خلال هذه المستشعرات، يمكن لوحدة التحكم عن بعد اكتشاف التصادم و”إخبار” البادئ بإشعال المادة الكيميائية أو المتفجرات الكيميائية الموجودة داخل منفاخ الوسادة الهوائية، وتحتوي معظم الوسائد الهوائية على ثاني أكسيد السيليكون ونترات البوتاسيوم وأزيد الصوديوم أكثر المواد شيوعاً المستخدمة في الوسائد الهوائية، كما يتحلل أزيد الصوديوم إلى معدن الصوديوم وغاز النيتروجين، وثم يتحد مع نترات البوتاسيوم لإطلاق المزيد من النيتروجين، كما تولد كلتا العمليتين الكثير من الحرارة لأنهما طاردتان للحرارة، ثم يتم نفخ الوسادة الهوائية بواسطة النيتروجين الساخن. تستغرق العملية بأكملها حوالي ربع ثانية فقط.

 

تفرغ الوسادة الهوائية عندما يبرد الغاز ويتبدد من خلال الفتحات.

 

ما هي المواد المستخدمة لصنع الوسائد الهوائية؟

 

تصنع الوسائد الهوائية عادةً من نسيج نايلون رقيق منسوج مُغطى بواقي من الحرارة لمنعها من الاشتعال أثناء الانتشار، ويمكن أيضًا طلاء نسيج الوسادة الهوائية بنشا الذرة أو بودرة التلك للمساعدة في التجميع وإبقائها مرنة قبل الاستخدام. لا تحتاج مواد الوسادة الهوائية المطلية بالسيليكون أو اليوريثان إلى طلاء إضافي للوقاية من الحرارة.

 

عادة ما تكون وحدة النفخ مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ أو الألمنيوم المصبوب وتحتوي على دافع مشتعل لبدء التفاعل الكيميائي للتضخم. تقوم المرشحات ذات الرقائق المعدنية في وحدة النفخ بإغلاق المادة الدافعة في جهاز النفخ. تصنع هذه المرشحات عادة من الفولاذ المقاوم للصدأ وتشكل شبكة سلكية.

شارك المحتوى |
close icon