لمواجهة “شراهة” الذكاء الاصطناعي.. غوغل تتجه لبناء محطة جوجل النووية لتشغيل خدماتها!

الزيادة الهائلة في استهلاك الطاقة من قبل مراكز البيانات التي تدعم الذكاء الاصطناعي، أصبحت تشكل تحديا متناميا يواجه عمالقة التكنولوجيا. فكل عملية تدريب لنموذج ذكاء اصطناعي وكل استجابة من روبوت دردشة تتطلب كميات ضخمة من الكهرباء. مما يجعل AI رغم كفاءته، يلتهم الطاقة بشراهة. ولمواجهة هذه المشكلة الخطيرة، تشير التقارير إلى أن العديد من شركات التكنولوجيا وعلى رأسها غوغل تفكر في حل جذري وهو بناء محطة طاقة نووية خاصة بها. هذه الخطوة، التي تبدو وكأنها مغامرة طموحة، ليست مجرد محاولة لتأمين الطاقة لمراكز بياناتها الضخمة. بل هي دلالة على أن مستقبل الذكاء الاصطناعي قد يكون مرتبطا بشكل وثيق بالطاقة النووية. وخلال السطور التالية سوف نأخذكم في رحلة سريعة لنتعرف على شراهة الذكاء الاصطناعي.. غوغل تتجه لبناء محطة جوجل النووية لتشغيل خدماتها!

النهضة النووية

مع تزايد الطلب على الطاقة من قبل الذكاء الاصطناعي، وإدراك أن التوسع في طاقة الرياح والطاقة الشمسية لا يواكب هذا النمو، ركزت شركات التكنولوجيا أنظارها على الطاقة النووية. حيث يتوقع أن يرتفع استهلاك مراكز البيانات من الكهرباء بشكل غير مسبوق في السنوات القادمة، وذلك بفضل الانتشار المتسارع للذكاء الاصطناعي التوليدي. على سبيل المثال، يمكن لعملية تدريب نموذج لغوي كبير أن تستهلك طاقة تعادل ما تستهلكه مئات المنازل في عام كامل. وبما أن هذه النماذج تحتاج إلى تحديث وتدريب مستمرين، فإن الحاجة إلى مصادر طاقة مستقرة ومستدامة أصبحت ضرورة ملحة.

اقرأ أيضا: هدد بتفكيكها ثم عقد معها صفقة.. القصة الكاملة لماذا أراد ترامب تفكيك إنفيديا لكنه تراجع عن ذلك وعقد معها صفقة سرية؟

محطة جوجل النووية

محطة جوجل النووية

تواجه شركات التقنية الكبرى تحديا متصاعدا يتمثل في الارتفاع الهائل باستهلاك الطاقة لمراكز بياناتها، خصوصا مع التوغل في خدمات الذكاء الاصطناعي. وفي خطوة استراتيجية، أعلنت غوغل عن خطتها لبناء أول محطة نووية خاصة بها في ولاية تينيسي الأميركية، بالتعاون مع شركة “كايروس باور”، لتأمين مصدر طاقة مستقر وموثوق. يمثل هذا المشروع، الذي يعد جزءا من رؤية الشركة الأوسع لتأمين طاقة لمرافقها حول العالم، تحولاً جذرياً عن الاعتماد التقليدي على مصادر الطاقة المتجددة. ويؤكد هذا الاتجاه أن الشركة ليست الوحيدة في مسارها، حيث تتسابق شركات كبرى مثل مايكروسوفت وأمازون لتأمين مصادر طاقة نووية خاصة بها، مما يعكس إدراكا متزايدا بأن مستقبل الذكاء الاصطناعي يتوقف على القدرة على تلبية متطلباته الهائلة من الكهرباء.

 وبالنسبة إلى محطة جوجل النووية، تم توقيع شراكة بين جوجل وشركة كايروس باور من أجل تزويد الأولى بالطاقة التي تحتاجها لخدماتها ومراكز البيانات الخاصة بها. تهدف المرحلة الأولى تشغيل أول مفاعل نووي صغير بحلول عام 2030، يليه نشر مفاعلات إضافية حتى عام 2035. ويتوقع أن تتيح هذه الاتفاقية توفير ما يصل إلى 500 ميجاوات من الطاقة الجديدة الخالية من الكربون على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

اقرأ أيضا: نصيحة غذائية من ChatGpt تصيب شخص باضطراب نادر

مواضيع مشابهة

يعتمد المشروع على مفاعلات نووية من الجيل الثالث، والتي تتميز بتصميمها الأكثر أمانًا واستدامة مقارنة بالمفاعلات التقليدية. هذه الموثوقية عززت ثقة المستثمرين وصناع القرار، مؤكدة على أن هذه التكنولوجيا لديها القدرة على أن تكون حجر الزاوية في تحولات الطاقة المستقبلية.

وتستخدم شركة كايروس باور نظام تبريد بالملح المنصهر، مُدمجًا مع وقود سيراميكي من نوع الحصى. من أجل نقل الحرارة بكفاءة إلى توربين بخاري لتوليد الطاقة. يسمح هذا النظام الآمن للمفاعل بالعمل عند ضغط منخفض بشكل سهل ودون أي مشكلة.

لماذا الطاقة النووية؟

محطة جوجل النووية

بينما تشكل الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح خيارا مثاليا للاستدامة، فإنها لا توفر الحل الكامل لاحتياجات الذكاء الاصطناعي. وهنا تبرز الطاقة النووية كخيار استراتيجي لأسباب عديدة تشمل:

الاستقرار والموثوقية: تعمل المحطات النووية على مدار الساعة دون توقف أو انقطاع. وهذا الاستقرار ضروري لمراكز البيانات التي لا يمكنها تحمل أي مشكلة في التيار الكهربائي. مما يضمن استمرارية خدمات الذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضا: تخصص الذكاء الاصطناعي : افضل الجامعات ومجالات العمل

كثافة الطاقة: يمكن للمحطات النووية إنتاج كميات هائلة من الطاقة مقارنة بمزارع الطاقة الشمسية أو الرياح. هذه الكثافة تجعلها مثالية لتزويد مراكز البيانات الضخمة التي تحتاج إلى طاقة مركزة.

الانبعاثات الصفرية: على غرار الطاقة المتجددة، لا تصدر المحطات النووية غازات دفيئة أثناء التشغيل. مما يساعد شركات التكنولوجيا على تحقيق أهدافها في خفض الانبعاثات الكربونية.

في الختام، خطوة غوغل نحو الاعتماد على الطاقة النووية لمواجهة شراهة الذكاء الاصطناعي. ما هي إلا تحول جذري في نهج شركات التكنولوجيا تجاه الاستدامة. فبينما كان التركيز سابقا على حلول الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح. يمثل التفكير في الطاقة النووية إدراكا بأن حجم استهلاك الذكاء الاصطناعي يتطلب مصدرا للطاقة أكثر استقرارا وكثافة. إنها ليست مجرد مغامرة هندسية، بل هي رؤية لمستقبل قد يكون فيه الذكاء الاصطناعي والطاقة النووية وجهين لعملة واحدة. مما يضع على عاتقنا مسؤولية أكبر في تحقيق توازن دقيق بين الابتكار والحفاظ على موارد كوكبنا.

شارك المحتوى |
close icon