نظرة على المستقبل: تطور الخدمات اللوجستية وأثرها على التجارة العالمية

مقال ضيف بقلم طارق هنيدي، نائب رئيس عمليات منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في شركة فيديكس إكسبريس.

 

شهد عالم التجارة تحولاً كبيراً، حيث انتقل من النطاق المحلي أو الإقليمي إلى العالمي في غضون بضعة عقود فقط. وقد جعلت التطورات في مجال التكنولوجيا والنقل، إلى جانب العديد من اتفاقيات التجارة، من السهل على الشركات توسيع نطاق وصولها والتواصل مع العملاء المتواجدين في أكثر المناطق النائية. وبالنظر إلى الأهمية القصوى التي تشغلها شبكة موثوقة وملتزمة بمواعيد وأوقات التسليم المحددة لنقل البضائع، فقد لعب مزودو الخدمات اللوجستية دوراً أساسياً في دعم وتمكين التجارة العالمية.

 

إحداث نقلة نوعية في سوق الخدمات اللوجستية العالمية

 

امتاز رواد قطاع الخدمات اللوجستية بامتلاكهم تصورات بعيدة المدى من حيث إدراك أهمية التجارة العالمية منذ البداية. فقد كان تأسيس شبكة جديرة بالثقة وفعالة لشحن البضائع بسرعة في جميع أنحاء العالم أمراً بالغ الأهمية.

 

عندما تأسست فيديكس قبل 50 عاماً، تمكّنت من خلال فريق عمل يضم 389 موظفاً من تسليم 186 طرداً من فيديكس إلى 25 مدينة أمريكية في الليلة الأولى من التشغيل المستمر. واليوم، نبرز كمؤسسة مختلفة كليّاً، حيث نقوم بتسليم نحو 15 مليون طرداً يومياً من خلال شبكاتنا الجوية والأرضية العالمية، ونوفر إمكانات الوصول والخدمات والتقنيات التي تلبي متطلبات الشحن المتنامية في العالم.

 

في الواقع، كان الابتكار والذكاء الرقمي من العناصر الحاسمة للعمليات اللوجستية الناجحة على المستوى العالمي. عندما يتم دمج شبكة واسعة النطاق مع التقنيات المستجدة كالذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات و”بلوك تشين”، فمن المؤكد أن تؤدي النتائج إلى إحداث تغيير كبير في قواعد اللعبة. وفي واقع الحال، تشكل التكنولوجيا قوة دافعة لتشكيل ملامح مستقبل قطاع الخدمات اللوجستية، ابتداءً من الرؤى والتصورات الرئيسية لسلاسل التوريد العالمية وأحدث الاتجاهات المستجدة، وصولاً إلى ابتكار وتطوير الحلول الجديدة.

 

عندما تطلب الشركات تسليماً سريعاً، وشحناً يتم التحكم بدرجة حرارته، وقدراً أكبر من الأمان، وتوفير عناية خاصة عند التعامل مع الطرود الحساسة، فإن التقنيات القائمة على أجهزة الاستشعار تقدّم رؤية محسّنة وقدرات تنبؤية، مما يجعل سلاسل التوريد أكثر ذكاءً للجميع. لقد مكّنت خدمة التخليص الجمركي الإلكتروني الشركات من التعامل مع الإجراءات الجمركية بسهولة، في حين أنها خفّضت من مخاطر تأخير الشحنات. كما ساهمت أدوات الشحن القائمة على الإنترنت، وخدمات إثبات التسليم بواسطة الصور، والحلول القائمة على أجهزة المحمول، في جعل عملية إدارة والتحكم بالشحنات أكثرة سهولة وبساطة.

مواضيع مشابهة

 

التكنولوجيا الناشئة ستبرز كقوة دافعة لتوفير خدمات لوجستية فعالة ومستدامة

 

من المتوقع أن يصل حجم سوق التجارة الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 57 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026، وتلعب اللوجستيات دوراً حيوياً في تسهيل نمو الشركات الصغيرة والتجارة الإلكترونية. ومع ظهور تقنية الجيل الخامس “5G” فائقة السرعة، أصبح مزوّدوالخدمات اللوجستية قادرين على إدارة مخزونهم وسلاسل التوريد الخاصة بهم بشكل أكثر فعالية وكفاءة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى توفير دقة أعلى وسرعة أكبر في الوصول إلى العملاء النهائيين. تعمل تقنية الجيل الخامس “5G” أيضاً على تسريع وتيرة تطوير وتبني استخدام السيارات ذات القيادة والكهربائية، والتي يتم اختبارها حالياً في العديد من الدول، بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة. وهذا من شأنه أن يمنحنا لمحة عن مستقبل الخدمات اللوجستية بحيث ستصبح عمليات تسليم الطرود ذاتياً أكثر شيوعاً وتحدث نقلة نوعية وحاسمة في خدمات تسليم الميل الأخير لشركات التجارة الإلكترونية، في حين أنها ستقلل أيضاً من انبعاثات الكربون.

 

من الأمثلة الرائعة عن التقنيات المستجدة في مستقبل الخدمات اللوجستية هي “البلوك تشين”. تُعد “البلوك تشين” واحدة من أكثر التقنيات الناشئة التي كثر الحديث عنها في قطاع الخدمات اللوجستية نظراً لقدرتها على تحسين الشفافية في العمليات، والمساعدة في تتبع الشحنات بسهولة، والمساعدة في التحقق من منشأ المنتجات وجودتها. من غير المستغرب أن نعلم استخدام “البلوك تشين” في سوق الخدمات اللوجستية وسلسلة التوريد العالمية وحدها من المتوقع أن ينمو ليصل إلى 3.3 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026، والسبب في ذلك أنه يوفر للمستهلكين الشفافية في المنتجات التي يشترونها.

 

تشكيل ملامح قطاع الخدمات اللوجستية المستقبلي

 

في ظل عالم تتلاشى فيه حدود التجارة بشكل ثابت، فإن الانفتاح على الأسواق العالمية قد أصبح مثيراً للاهتمام وممكناً أيضاً عندما يتوفر هناك شريك لوجستي له حضور راسخ في السوق ويتمتع بالكفاءة. إن الابتكارات التكنولوجية الجديدة المستمرة، مثل تسليم الميل الأخير الذاتي، وزيادة تبني الأساطيل الكهربائية في مجال الخدمات اللوجستية، يحمل في طياته وعوداً هائلة للشركات العاملة في قطاع التجارة الإلكترونية.

 

تقدم الشبكات العالمية القوية والمرنة حلولاً ذكية لسلسلة التوريد وخدمات توصيل مخصصة بدرجة عالية، مع الالتزام بإعطاء الأولوية للاستدامة والابتكار. تمثل هذه الشبكات الخصائص المميزة لمزودي الخدمات اللوجستية القادرين على تلبية المتطلبات دائمة التغير اليوم، وتشكيل ملامح قطاع الخدمات اللوجستية المستقبلية.

شارك المحتوى |
close icon