هدد بتفكيكها ثم عقد معها صفقة.. القصة الكاملة لماذا أراد ترامب تفكيك إنفيديا لكنه تراجع عن ذلك وعقد معها صفقة سرية؟

لطالما كانت العلاقة بين الحكومة الأمريكية وشركات التكنولوجيا الكبرى معقدة ومتغيرة، تتأرجح بين التعاون والصدام. وفي خضم هذا المشهد، برز اسم إنفيديا (NVIDIA) عملاق صناعة الرقائق ومعالجات الرسوميات، كلاعب محوري في سباق الهيمنة التكنولوجية العالمية. لكن ما قد لا يعرفه الكثيرون هو أن هذه الشركة، التي تعد الآن واحدة من الأصول الاستراتيجية للولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي. واجهت ذات يوم تهديدات بالتفكيك من قبل دونالد ترامب. كيف تحول هذا التهديد الجاد إلى صفقة سرية؟ وما هي الأسباب الحقيقية وراء هذا التغير الجذري في الموقف؟ يكشف هذا المقال القصة الكاملة وراء لماذا أراد ترامب تفكيك إنفيديا لكنه تراجع عن ذلك وعقد معها صفقة سرية؟

ترامب و إنفيديا

هدد بتفكيكها ثم عقد معها صفقة.. القصة الكاملة لماذا أراد ترامب تفكيك إنفيديا لكنه تراجع عن ذلك وعقد معها صفقة سرية؟

خلال فترة رئاسته الحالية، أعرب دونالد ترامب صراحة عن قلقه بشأن قوة شركات التكنولوجيا الكبرى وهيمنتها على الأسواق، ملمحًا في عدة مناسبات إلى إمكانية تفكيك بعضها على خلفية مزاعم تتعلق بالاحتكار. لم تكن إنفيديا بمنأى عن هذه النظرة، خاصة مع تزايد سيطرتها على سوق الرقائق المخصصة للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات. وترجع رغبة ترامب في تفكيك إنفيديا لأنه يرى أن هذا سوف يمنح المنافسين الآخرين فرصة للدخول والمنافسة بقوة وحتى تقليل الاحتكار في هذا السوق التي تهيمن عليه NVIDIA.

اقرأ أيضا: كوابيس الذكاء الاصطناعي المرعبة يكشفها رئيس شات جي بي تي لخطورتها على المستقبل

تفكيك إنفيديا

أوضح مسؤولون لترامب أن عملية تفكيك شركة بهذا الحجم وبهذه الحصة السوقية ستكون صعبة للغاية، مما أدى إلى تراجعه عن فكرة محاولة تفكيك إنفيديا. وخلال مؤتمر صحفي، اعترف الرئيس الأمريكي أنه كان يعتقد الأمر بتلك البساطة. ثم أدرك الفجوة التقنية بين الشركة الأمريكية والشركات الأخرى المنافسة.

أهمية NVIDIA

مع مرور الوقت، ومع تصاعد أهمية الذكاء الاصطناعي، بدأت الأهمية الاستراتيجية لإنفيديا تتجلى بشكل أكثر إلحاحًا. لم تعد NVIDIA مجرد شركة تصمم رقائق للألعاب، بل أصبحت العمود الفقري لتطور الذكاء الاصطناعي العالمي وهو المجال الذي ينظر إليه على أنه المحرك الأساسي للقوة الاقتصادية والأمنية في الوقت الحالي. ويمكن القول بأن أهمية إنفيديا لأمريكا تتلخص في المحاور الآتية:

مواضيع مشابهة

الريادة في الذكاء الاصطناعي: إنفيديا تعد رائدة في تصميم وتصنيع وحدات معالجة الرسوميات (GPUs) التي لا غنى عنها لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة وتطوير التطبيقات المتقدمة. الحفاظ على هذه الريادة أصبح ينظر إليه كمسألة أمن قومي للولايات المتحدة.

المنافسة الجيوسياسية: في ظل السعي العالمي للتقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة من قبل قوى منافسة. أصبح دعم الشركات الرائدة مثل إنفيديا أمرًا حيويًا للحفاظ على التفوق التكنولوجي الأمريكي.

وهكذا، أدركت الإدارة الأمريكية أن إضعاف إنفيديا، سواء بالتفكيك أو بفرض قيود تعيق نموها، كان سيشكل ضربة قاضية لمكانة الولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي ويمكن أن يعطي اليد العليا للمنافسين وعلى رأسهم الشركات الصينية.

اقرأ أيضا: ما هي النوايا المخيفة التي يخفيها الذكاء الاصطناعي الواعي عن المطورين؟

صفقة سرية بين ترامب وإنفيديا

هدد بتفكيكها ثم عقد معها صفقة.. القصة الكاملة لماذا أراد ترامب تفكيك إنفيديا لكنه تراجع عن ذلك وعقد معها صفقة سرية؟

هل هناك صفقة سرية بين ترامب وإنفيديا؟ يمكن القول بأن هناك بعض الدلائل على ذلك، مثل عندما أشاد جنسن هوانغ بترامب قائلا ” الميزة الفريدة التي تتمتع بها أميركا والتي لا يمكن لأي دولة أخرى أن تتمتع بها هي الرئيس ترامب”. وفي وقت سابق، تمت الإشادة بهوانغ عندما عبر دونالد ترامب عن سعادته بما يفعله لإنفيديا كما أثنى عليه وعلى قادة آخرين بعدما استثمروا بقوة في الولايات المتحدة.

لكن التحول الأبرز الذي يشير إلى “صفقة” أو “تفاهم” بين إدارة ترامب وإنفيديا جاء في منتصف يوليو 2025. فبعد أن فرضت الإدارة قيودًا صارمة في أبريل 2025 على مبيعات رقائق H20. من وهي رقائق صممت خصيصًا لتتوافق مع قيود التصدير الأمريكية السابقة إلى الصين حدث ما لم يتوقعه الكثيرون. حيث  أعلن الرئيس التنفيذي لإنفيديا، جنسن هوانغ. أن الشركة قد حصلت على ضمانات بالموافقة على تراخيص بيع رقائق H20 إلى الصين من إدارة ترامب. يعد هذا الإعلان تراجعًا فعليًا عن القيود السابقة، ويشير إلى وجود صفقة سرية خلف الكواليس.

في النهاية، قصة ترامب ومحاولة تفكيك إنفيديا تقدم لنا لمحة مثيرة عن التوازنات المعقدة بين القوة الحكومية والنفوذ التكنولوجي. فبينما كانت المخاوف من الاحتكار حقيقية. أدركت الإدارة في النهاية أن تفكيك عملاق مثل إنفيديا. كان سيتسبب بأضرار أكبر للمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي. التحول من التهديد إلى صفقة، حتى لو كانت غير معلنة بوضوح، يسلط الضوء على أن بعض الشركات التكنولوجية أصبحت ذات أهمية جيوسياسية لا يمكن التهاون بها. وأن مستقبل القوة الاقتصادية والعسكرية للدول بات مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بقدرتها على الابتكار والحفاظ على ريادتها في التقنيات المتقدمة.

شارك المحتوى |
close icon