هل تحتاج دقة 8K حقاً؟ أم أن الأمر مجرد كلام تسويقي لتدفع مالاً أكثر؟

في مطلع الألفية، كان معظم الأشخاص حول العالم يستخدمون التلفزيونات والشاشات القديمة الضخمة. وفي ذلك الوقت لم يكن هناك العديد من الخيارات لدقة الشاشة في الواقع، بل أنك ستحصل على ما هو متاح فحسب. ففي أمريكا الشمالية واليابان تحصل على نظام NTSC مع 480 سطراً من الدقة و30 إطاراً في الثانية. أما في باقي العالم كان هناك نظام PAL مع 576 خطاً، لكن معدل إطارات أدنى: 25 إطاراً في الثانية.

 

لكن وعندما بدأت شاشات البلازما وبعدها LCD وOLED بالظهور انفتح أفق خيارات الدقة والعرض بشكل كبير. حيث حصلنا على الدقة العالية HD وبعدها Full HD، وفي السنوات الأخيرة باتت دقة 4K UHD هي الدقة العالية الجديدة المرغوبة. ومؤخراً فقط بدأت تلفزيونات 8K بالظهور، ومعها أتى التسويق الجديد لهذه الدقة الجديدة المذهلة.

 

في الماضي كانت القفزة من الدقة المعتادة إلى HD إنجازاً كبيراً دون شك. وتبعها قفزات كبيرة أيضاً إلى Full HD ومؤخراً إلى 4K UHD. لكن ومع كل قفزة جديدة كان التأثير يصبح أصغر وأصعب للملاحظة. ومع القفزة إلى 8K قد لا يكون هناك تأثير حقيقي أصلاً.

 

في هذا الموضوع سنتناول ما هي دقة 8K الجديدة، وماذا تقدم. وسنركز على أهمية التحول لها حقاً وإن كنت تحتاج للترقية أم أن المحتوى الترويجي المثير عنها ليس سوى هراء مصمم لجعلك تشتري تقنية لا تحتاجها.

 

ما هي دقة 8K؟

 

هل تحتاج دقة 8K حقاً؟ أم أن الأمر مجرد كلام تسويقي لتدفع مالاً أكثر؟

 

بداية من المهم أن نعرف ما هي دقة الشاشة أصلاً، وبأبسط شكل، فالدقة هي عدد البكسلات (النقاط المضيئة) في الشاشة. لكن بدلاً من التعامل معها كعدد كلي، فمن المعتاد أن يشار لها كجداء بين عدد الأسطر والاعمدة مثل 1080×1920. وفي حالات الدقات المتعارف عليها والمنتشرة فهي عادة ما تحصل على تسميات لتسهيل معرفتها.

 

على سبيل المثال، تتضمن أي شاشة HD على 720×1280 بكسلاً على الأقل. فيما يرتفع العدد إلى 1080×1920 في شاشات Full HD. وفي شاشات 4K UHD يصبح 2160×3840. أي أن شاشة 4K تتضمن بكسلات و”دقة” أكثر بأربعة مرات من شاشات Full HD.

 

بالنسبة لدقة 8K، فهي تعني أن الشاشة ستدعم دقة 4320×7680، أي أكثر بأربع مرات من 4K وأكثر بستة عشر مرة من Full HD. وهذا إنجاز هائل دون شك وقفزة كبيرة من حيث أعلى وضوح ممكن للعرض على الشاشة. لكن السؤال هنا: هل نحتاج كل هذه البكسلات؟ وهل نستطيع تمييزها أصلاً؟

 

هل نستطيع ملاحظة الفارق إن استخدمنا شاشات 8K أصلاً؟

 

في حال استخدمت شاشة كبيرة كفاية وكنت قريباً منها كفاية، فمن الممكن تمييز دقة 8K عن دقة 4K دون شك. لكن نحن لا ننظر للحالات الخاصة هنا. بل أننا نهتم للحالة المعتادة: مشاهدة التلفاز على بعد بضعة أمتار من شاشة كبيرة نسبياً لكن ليس عملاقة. وفي هذه الظروف لا يستطيع أصحاب البصر المثالي تمييز الفرق بين الدقتين حتى في الواقع.

 

وبالنسبة للغالبية العظمى من الأشخاص ممن يمتلكون بعض النقص بحاسة البصر فالأمور أسوأ حتى. حيث أن الكثيرين لا يستطيعون تمييز دقيتي Full HD و4K عن بعضهما البعض. وهنا لن يكون من المهم السؤال عن دقة 8K لأنهم لن يميزوها دون شك.

 

مواضيع مشابهة

من حيث المبدأ، لا يوجد أي تطبيق عملي وواقعي يتضمن استخدام شاشة بدقة 8K في منزل أو عمل لغرض المشاهدة المعتادة. ومع أن الدقة ربما تفيد في مجال مثل الواقع الافتراضي مستقبلاً، فهي أكثر بكثير من اللازم في حال العرض الحالية.

 

حتى ولو اشتريت شاشة بدقة 8K، لن تجد ما تشاهده عليها

 

هل تحتاج دقة 8K حقاً؟ أم أن الأمر مجرد كلام تسويقي لتدفع مالاً أكثر؟

 

على أي خدمة بث تجدها الآن، لن يكون هناك خيارات عرض حقيقية أعلى من 4K. بل أن العديد من المسلسلات والأفلام محدودة عند خيارات دقة أدنى حتى مثل Full HD. ومع أن يوتيوب مثلاً يدعم خيارات دقة عالية جداً تتجاوز 8K حتى، فمحاولة العثور على محتوى بهذه الدقة، ومحاولة عرضه عبر الإنترنت ليست تجربة سهلة أبداً.

 

بغض النظر عن الشاشة التي تمتلكها، فالجودة التي تحصل عليها محدودة بالحلقة الأضعف في السلسلة دائماً. وحتى لو امتلكت شاشة بدقة 1000K لن يفيدك الأمر إن كان كل المحتوى المتاح بدقة 480p فقط. ولا يبدو أننا سنشهد أي إضافة لمحتوى 4K في أي وقت قريب حتى.

 


مواضيع قد تهمك:


 

شراء شاشة 8K مضيعة للمال: اسأل أصحاب الهواتف بشاشات 4K

 

هل تحتاج دقة 8K حقاً؟ أم أن الأمر مجرد كلام تسويقي لتدفع مالاً أكثر؟

 

في عام 2015 كانت دقة 4K تمتلك الكثير من الزخم والضجة حولها، وحينها قررت شركة سوني استعراض عضلاتها في الهواتف. وكانت النتيجة هي هاتف Xperia Z5 Premium مع شاشة بدقة 4K المذهلة والكثير من التسويق لجودة هذه الشاشة. لكن اليوم بعد سنوات عديدة لم تسر الشركات الأخرى على خطى سوني. بل أن هذه الدقة الهائلة كانت نقمة على هواف الشركة اليابانية، حيث كانت أغلى مما رفع سعر الهواتف بشدة كما أنها كانت تصرف طاقة البطارية أسرع بكثير من سواها.

 

ما أدركه المستخدمون حينها وأدركته شركات الهواتف أيضاً هو أنه لا فائدة من وضع شاشة بدقة 4K على هاتف. حيث أن لا أحد قادر على التفريق بين الدقتين، وحتى أن دقة QHD تبدو أزود من اللازم والهواتف التي تستخدمها تأتي مع دقة 1080p مفعلة بشكل افتراضي.

 

ما يحدث اليوم مع شاشات 8K مشابه إلى حد بعيد في الواقع: سعر هائل واستعراض عضلات بتقديم إنجاز تقني ودقة عالية. لكن الواقع هو أن هذه الدقة أكثر بكثير من اللازم أو القابل للتمييز، ودفع المال مقابلها هو هدر للمال دون أي شك.

شارك المحتوى |
close icon