أهم 10 تقنيات صاعدة لعام 2025 – وفق مركز دبي للمستقبل والمنتدى الاقتصادي العالمي

في تقرير أخير تم نشره بالتعاون بين مؤسسة دبي للمستقبل والمنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان «أهم 10 تقنيات صاعدة لعام 2025»، حدد الخبراء توقعاتهم لأبرز الاتجاهات التي تنتظر العالم في السنوات التالية بالنظر للتقدم الحالي في كل من هذه المجالات، ومدى تسارع التطور في سياقها، والمسار المتوقع لصعودها كما فعلت التقنيات السابقة لها.
لا تزال كل من التقنيات والاتجاهات المحددة في التقرير حديثة العهد نسبياُ، ومحدودة التأثير في الوقت الحالي لكونها لا تزال في المرحلة البحثية. لكن كلاً من هذه المجالات تمتلك إمكان تغيير العالم بشكل ثوري في حال وصولها إلى مرحلة النضج. وبالنظر إلى التأثيرات الكبرى التي تركتها الثورات التقنية السابقة، مثل صعود بطاريات الليثويوم، أو الحوسبة السحابية، ومؤخراً الذكاء الاصطناعي، يمكن إدراك الأهمية الكبرى لهذه المجالات التي يمكن أن تعيد رسم العالم المستقبلي.
تتراوح الاتجاهات والتقنيات التي يتناولها التقرير من تلك المعنية بالاستدامة والحفاظ على البيئة، إلى التقنيات الصحية، والتطورات الهندسية، ومستقبل الطاقة والمجالات الأخرى. وفيما يمكن الاطلاع على التقرير كاملاً من هنا، فملخص التقنيات العشر المحددة في التقرير هو:
مركّبات البطاريات الهيكلية
عوضاً عن كون بطاريات الليثيوم-أيون هياكل صلبة تحتاج لمساحة مخصصة، تُعدّ مركبات البطاريات الهيكلية (Structural Battery Composits)مادة حاملة للأوزان، ومكوناً هيكلياً في المنشآت أو المركبات، لكن وبنفس الوقت يمكنها أيضاً تخزين الطاقة الكهربائية. وتعد هذه التقنية بجعل المركبات الكهربائية أخف وزناً، وأكثر كفاءة، وأطول مدىً، كما يمكن أن تعمل بشكل استثنائي في الطائرات حيث يمكن استخدامها في هياكلها مما يقلل الحاجة لوزن إضافي ويحسن من كفاءة الطيران.
لا تزال مركّبات البطاريات الهيكلية لم تحظ بالتبني الواسع لأسباب عدة، تتراوح من مخاوف الأمان، والسعر المرتفع حالياً، وكون التقنية لا تزال بحاجة للمزيد من التطوير. لكن وفي حال أمكن تطوير لوائح ومعايير أمان لدعم الاستخدام الواسع لهذه المركبات، فمن الممكن أن تترك أثراً كبير بيئياً واقتصادياً بتحويلها لقطاع النقل وقطاعات أخرى حتى.
أنظمة الطاقة التناضحية (الأسموزية)

تستند فكرة هذه التقنية على إمكان استخدام فرق الملوحة بين مصدرين مائيين لتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة، والمتجددة، ومنخفضة الأثر البيئي كذلك.
تم اقتراح هذه التقنية لأول مرة في عام 1975، ولم تتقدم بشدة حينها. لكن ونتيجة التطورات الأخيرة في علوم المواد وتصميم الأنظمة، باتت الفكرة أقرب إلى الواقع. وهناك نوعان أساسيان لهذه الطاقة، الأول هو التناضح المضاد المضغوط (Pressure Retarded Osmosis)، الذي يستخدم غشاءً نصف نافذ لتمكين مرور الماء من المحلول منخفض الملوحة إلى المحلول مرتفع الملوحة؛ والآخر هو التناضح العكسي الكهربائي (Reverse Electrodialysis)، الذي يستخدم أغشية تبادل الأيونات لنقل الشحنات الموجبة والسالبة بين جانبي الغشاء، مُولّداً فرق جهد في العملية.
خلال مشاركة له في برنامج راديو، شرح برنارد مايرسون، المدير التقني الفخري في IBM، التقنية ببساطة: «تحاول الأرض بطبيعتها الوصول إلى التوازن، وهو تعبير أنيق يعني: إذا كان لديك الكثير من الماء العذب على جانب ما والكثير من الماء المالح على الجانب الآخر، سينتقل الماء باتجاه الجانب الأملح ليخففها حتى نحصل على مستويات ملوحة متساوية على الجانبين. وفيما يتحرك الماء عبر الغشاء، فهو يولد ضغطاً». وهذا الضغط الناتج هو سر توليد الطاقة بهذه التقنية.
التقنيات النووية المتقدمة
بعد فترة من الركود النسبي في إنشاء محطات الطاقة النووية الجديدة، تتسارع الإنتاجية مؤخراً مع تقنيات عديدة صاعدة. وتتضمن التقنيات الجديدة أموراً مثل الوقود البديل ذاتي التبريد، وبالطبع المفاعلات المعيارية الصغيرة (SMRs)، كما أن هناك عدد من التقدمات التقنية التي تهدف إلى خفض التكاليف، وتبسيط التصاميم، وزيادة توليد الطاقة النووية في دول العالم.
بالإضافة للتقنيات السابقة التي تركز على الانشطار النووي (جميع استخدامات الطاقة النووية حتى اليوم انشطارية)، هناك تقدم مستمر باتجاه الهدف النهائي: تحقيق الاندماج النووي، أي دمج ذرات الهيدروجين معاً لإطلاق كميات هائلة من الطاقة. ومنذ سنوات يعمل مشروع ITER الدولي في فرنسا لهذه الغاية، وفي حال وصولنا إليه، سيكون الاندماج النووي ثورة حقيقية في مجال توليد الطاقة النظيفة والخالية من المخلفات وعالية الأمان.
العلاجات الحية المخططة
يأمل العلماء في تحويل البكتيريا المفيدة إلى مصانع أدوية صغيرة داخل الجسم لعلاج الأمراض من الداخل. والأثر؟ رعاية طويلة الأمد أرخص وأكثر فعالية. ويتم ذلك عبر إدخال الشفرة الجينية، التي تحتوي على تعليمات إنتاج العلاجات، ضمن أنظمة حيوية فعالة حية مثل الميكروبات والخلايا والفطريات. كما يمكن برمجة هذه الأنظمة بمفاتيح للتحكم في الإنتاج عند الطلب.
يمكن لتجاوز الحاجة لإنتاج الأدوية في مختبرات أن يؤدي إلى خفض تكلفة الإنتاج بنسبة 70%. وعلاوةً على ذلك، يوفر هذا النهج إمداداً مستقراً وطويل الأمد للمرضى الذين قد يحتاجون عادةً إلى حقن منتظمة وعلاجات مستمرة للأمراض المزمنة مثل داء السكري.
استخدام أدوية GLP-1 لعلاج الزهايمر وباركنسون
ظهرت أدوية «ناهضات مستقبلات الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1» (أو GLP-1 اختصاراً) كفئة جديدة من الأدوية التي تم تطويرها لعلاج داء السكري، لكنها أثبتت أداءً استثنائياً في تخفيف الوزن وباتت أساس أدوية مثل «مونجارو» و«أوزيمبيك» المستخدمة للتنحيف حالياً. لكن العلماء يعتقدون أنها تظهر أداءً واعداً في علاج أمراض مثل داء باركنسون أو الزهايمر.
أثبتت التجارب أن ناهضات GLP-1 تقلل الالتهاب في الدماغ وتُسهل إزالة البروتينات السامة. وبالنظر لكون الالتهاب وضعف إزالة البروتينات السامة عوامل أساسية في ظهور وتقدم أمراض مثل باركنسون والزهايمر، يمكن أن تساعد هذه الأدوية بشكل كبير في تحسين جودة الحياة لأكثر من 55 مليون شخص يعاني اليوم من الخرف. ويعني ذلك فوائد احتماعية واقتصادية كبرى، بالإضافة لتحسين جودة الحياة لمئات الملايين على المدى الطويل.
المستشعرات البيوكيميائية المستقلة
تعمل هذه الأجهزة بشكل مستقل وآلي تماماً، وتقوم برصد وقياس العديد من المعايير الكيميائية مما يتيح استخدامها في أمور مثل اكتشاف مؤشرات الأمراض وقياس التلوث وسواها. حيث يمكن أن تعمل هذه الأجهزة لفترات ممتدة في بيئات متنوعة بداية من الأماكن النائية وحتى الجسم البشري، حيث يمكن أن تعمل بشكل مستدام في حال تصميمها مع متطلبات طاقية منخفضة وتزويدها بمصادر طاقة مناسبة.
حققت التقنية بعض النجاحات في تطبيقات محددة، وأهم أمثلتها ربما هو جهاز مراقبة الجلوكوز القابل للارتداء والذي بات حلاً ثورياً للعديد من مرضى السكري لتسهيل حياتهم وتجنب الاختبارات المستمرة المكلفة والمؤلمة، مع الحفاظ على معلومات دقيقة ومستمرة تسمح برعاية صحية وجودة حياة أفضل. مؤخراٌ، بدأت التقنية تستهدف أهدافاً وتطبيقات أخرى وبالأخص في الجسد البشري، حيث هنا دراسات وتجارب لاستخدامها لغايات الرعاية الصحية خلال فترة انقطاع الطمث، وسلامة الغذاء.
تثبيت النيتروجين الأخضر

تتركز تقنية تثبيت النيتروجين على تحويل النيتروجين الغازي الموجود في الغلاف الجوي إلى أمونيا على نطاق واسع، وهو تقنية مهمة ضرورية لإنتاج الأسمدة، التي تدعم نحو 50% من إنتاج الغذاء في العالم. وبالنظر لكون عملية إنتاج الأمونيا الحالية تمتلك أثراً بيئياً هائلاً، وتستهلك حوالي 2% من كامل الطاقة العالمية. لذا يهدف التثبيت الأخضر الجديد لخفض الأثر البيئي وجعل العملية أكثر استدامة.
ستستبدل هذه الطرق الجديدة الأنظمة القائمة بأنظمة حيوية أو مستوحاة من الأحياء، مثل استخدام البكتيريا والإنزيمات المهندَسة لتثبيت النيتروجين، إضافةً إلى استخدام ضوء الشمس أو أشكالٍ خضراء من الكهرباء لتوفير الطاقة.
الأنزيمات النانوية
تعد الأنزيمات النانوية، أو النانوزايمات، مواد نانوية مصنَّعة في المختبرات تتمتع بخصائص إنزيمية تجعلها تؤدي دورها مع كونها أكثر استقراراً من المواد الحيوية التي تنتجها الكائنات الحية أو تصنع في المختبرات، كما أنها أقل تكلفة وأبسط في الإنتاج.
تعمل هذه المواد كوسائط تحفيز، داعمة لنفس التفاعلات الكيميائية كالإنزيمات، ولكن نظراً لاستقرارها، يمكن استخدامها في ظروفٍ أوسع بكثير. وتتنوع التطبيقات المحتملة من العلاجات إلى تنقية المياه وسلامة الغذاء، وقد بدأت التجارب السريرية بالفعل لعلاج السرطان والأمراض التنكسية العصبية. ولكن لا تزال هناك عقبات تقنية وأخلاقية قبل أن تصل النانوزايمات إلى انتشار واسع.
الاستشعار التعاوني
تنتشر الحساسات الفردية في حياتنا بالفعل، لكن التقدم التكنولوجي، مثل صعود الذكاء الاصطناعي، يتيح فرصاً شبكية جديدة تحدث ثورة تخطيط مدني ذكي قادمة. حيث قد تغيّر هذه الحساسات المتصلة طريقة تشغيل المدن وطريقة استخدام المنظمات للبيانات في اتخاذ القرارات.
واحدة من الأمثلة الأبسط لكن الأكثر تأثيراً هي أنظمة النقل العام والخاص في البيئات الحضرية (المدن والبلدات)، حيث يمكن لإشارات المرور الموصولة بشبكة معاً تعديل نفسها اعتماداً على كاميرات المرور وحساسات البيئة، مما يساعد في إدارة الازدحام وخفض التلوث. كما تشمل حالات الاستخدام الأخرى رسم خرائط المناجم، ومراقبة البيئة، وتحليل أنظمة العواصف.
تواجه هذه التقنية مخاوف عديدة متعلقة باستخدامها للرقابة وإمكان تقويضها للخصوصية في حال إساءة استخدامها. لكن ولدى التطبيق المدروس والمقيد بقواعد واضحة لهذه التقنيات، فهي تمتلك قدرات على تحويل البيئات المدنية وسواها بشكل كبير.
العلامات المائية للذكاء الاصطناعي التوليدي
في عصر الصور والفيديوهات المنتجة بالتزييف العميق، والوسائط الاصطناعية المتعددة، تعد هذه التقنية إضافةً مرحّباً بها لدى الكثيرين. حيث تقترح التقنية إضافة علاماتٍ مائيةً غير مرئية إلى المحتوى المُولَّد بالذكاء الاصطناعي، مما يُسهّل تمييز المحتوى الحقيقي عن المحتوى المولد أو المعدل بالذكاء الاصطناعي، وهو ما يمكن أن يحسن من الأمان والثقة عبر الإنترنت ويقلل من خطر الشائعات والأخبار المزيفة التي تتكاثر بشدة في ظل انتشار الذكاء الاصطناعي في السنوات الأخيرة.
تعمل هذه التقنية بوضع أنماط على مستوى البكسلات أو ضمن البيانات الوصفية بحيث لا يمكن للعين البشرية تمييزها، لكنها تكون واضحة للأنظمة الحاسوبية وتخبرها أن ما تتضمنه مولد بالذكاء الاصطناعي. الفكرة بسيطة من حيث المبدأ، لكن تطبيقها يتطلب مستويات عالية من التعاون بين مختلف مزودي الخدمة ومطوري أنظمة الذكاء الاصطناعي لضمان معايير موحدة. كما تواجه الفكرة تحديات عدة مثل كون البيانات الوصفية عادة ما تحذف عند ضغط الصور والفيديو، أو كون التعديلات اللاحقة يمكن أن تطمس العلامات المائية أصلاً. وبالطبع يعد دفع مختلف الأطراف لتبني هذه المقاربة تحدياً آخر قد يكون حله أصعب حتى.