الانفتاح تجاه الشراكات والتركيز على رضا المستخدمين: كيف تبني سامسونج استراتيجيتها لتطوير البرمجيات؟

بالتزامن مع حدث Galaxy Unpacked المقام في مدينة نيويورك الأمريكية للكشف عن الجيل الجديد من هواتف سامسونج القابلة للطي قبل أيام، حضرت مينا تك جلسة حوارية حصرية مع سالي جيونغ، نائب الرئيس التنفيذي، ورئيس قسم برمجيات الهواتف الذكية في شركة سامسونج. وتخلل الجلسة حوار وأسئلة وأجوبة رسمت المعالم الأساسية لاستراتيجية شركة سامسونج في مجال برمجيات الهواتف الذكية، وآلية تطوير الشركة لبرمجياتها المختلفة وما هي الأسس التي تبني عليها قراراتها.
من المعروف اليوم أن سامسونج هي واحدة من أهم الأسماء في مجال الهواتف الذكية، وعند الحديث عن برمجيات الهواتف بالأخص، تمتلك الشركة مكانة استثنائية حقاً. فعلى الرغم من كون الشركة تستخدم نظام أندرويد المطور من قبل شركة جوجل لهواتفها الذكية، فهي تطور واجهتها الخاصة (التي تعرف باسم One UI في السنوات الأخيرة) كما كانت الرائدة في تقديم العديد من الميزات لهواتفها مثل الشريط الجانبي، وتعدد المهام، والمجلد الآمن، والعديد من الميزات الأخرى. وبالاستفادة من حوارنا مع السيدة جيونغ، قمنا بتحديد المحاور الأساسية التي تبني عليها سامسونج استراتيجيتها البرمجية.
تقديم المزيد من الخيارات
لعل واحدة من النقاط التي لطالما لفتت نظر المستخدمين في هواتف سامسونج هي تقديم الشركة للعديد من التطبيقات الأساسية الخاصة بها. حيث تمتلك الشركة متصفحاً خاصاً بها، ومتجر تطبيقات Galaxy، وتطبيقاً للصحة، وآخر لتسهيل الانتقال من هاتف قديم إلى هاتف أحدث، أو نقل كامل الملفات والمعلومات من هاتف آخر إلى هاتف سامسونج.
في بعض الحالات، تتقاطع التطبيقات التي تقدمها سامسونج مع تطبيقات أخرى متوفرة بشكل افتراضي في نظام أندرويد من شركة جوجل نفسها. حيث تأتي هواتف سامسونج مع متجر Google Play للتطبيقات ومتصفح جوجل كروم كخيارات متاحة للمستخدمين. وفيما يبدو الأمر مجرد تكرار للتطبيقات الافتراضية، تقوم نظرة سامسونج للأمر على توفير الخيارات للمستخدمين. حيث تختار الشركة بعناية التطبيقات التي تقدمها بشكل مستقل إلى جانب تطبيقات جوجل، وتلك التي تكتفي فيها بتطبيق جوجل، مثل اختيار تطبيق Gmail كتطبيق افتراضي للبريد الإلكتروني.
تقول سالي جيونغ عن الأمر: «هناك حالات دمجنا فيها تطبيقاتنا مع الإصدار الخاص بنظام أندرويد مثل تطبيقي الرسائل والبريد الإلكتروني. لكن بالمقابل هناك حالات أخرى أبقينا فيها على تطبيقاتنا المخصصة احتراماً لرغبات المستخدمين وحرية اختيارهم. فعلى سبيل المثال، لا يزال العديد من المستخدمين يفضلون متصفح سامسونج للإنترنت، فيما يختار آخرون متصفح جوجل كروم. وعلينا في هذه الحالات التركيز على تقديم الخيارات للمستخدمين ومنحهم الحرية لفعل ذلك.»
شراكة استراتيجية عميقة مع جوجل
عند النظر إلى الأمر على المستوى السطحي، تبدو علاقة سامسونج مع جوجل كأي علاقة لشركتين تورد إحداهما البرمجيات للأخرى، حيث تستخدم سامسونج نظام أندرويد الذي تطوره جوجل منذ سنوات عديدة. لكن علاقة الشركتين في الواقع أعمق من ذلك. حيث تتشارك الشركتان بالرؤى حول مستقبل أنظمة الهواتف الذكية وتتعاونان بشكل كبير في تطوير الميزات والقدرات الجديدة بهدف تقديم تجارب فريدة للمستخدمين.
في الواقع يمكن مشاهدة التعاون بين الشركتين في نقاط عديدة وبالاتجاهين حتى. حيث تستخدم سامسونج حالياً خدمات الذكاء الاصطناعي من Gemini، وهو ما استعرضته بشكل مبهر مع ميزات جديدة في هواتف Galaxy Z Fold7 وGalaxy Z Flip7 الجديدة قبل أيام. وبالمقابل، تطور سامسونج العديد من الميزات الاستثنائية المخصصة لهواتفها والتي يتم إدماجها لاحقاً في إصدارات تالية لنظام أندرويد. حيث ذكرت السيدة جيونغ ميزات مثل الشريط الجانبي، ومركز التحكم، والنوافذ المتعددة، وحتى ميزة «سامسونج ديكس» التي تسمح بتحويل الهاتف الذكي إلى بيئة حاسوبية عالية الإنتاجية، ويجري العمل حالياً على إدماج هذه القدرة في الإصدار التالي من نظام أندرويد بعد سنوات من ظهورها في هواتف سامسونج أولاً.
اختيار الأفضل، مع الانفتاح تجاه كل الخيارات
كانت واحدة من النقاط الأكثر إثارة للاهتمام في حديث السيدة جيونج هي آلية اختيار الشركة لشراكاتها البرمجية وكيف تعتمد هذه الشراكات. حيث تمتلك الشركة شراكات مهمة مع مايكروسوفت مثلاً، لتقديم حزمتها من تطبيقات الإنتاجية على هواتفها، وبنفس الوقت تعمل الشركة بشكل وثيق مع جوجل كون الأخيرة هي مطورة نظام أندرويد والعديد من التطبيقات المهمة مثل Gmail ويوتيوب وسواها.
في الوقت الحالي، تستخدم سامسونج مساعد الذكاء الاصطناعي Gemini من شركة جوجل. وفي إجابة لسؤالنا عن سبب هذا الاختيار، قالت جيونغ: «لدينا شراكة استراتيجية مهمة مع جوجل فيما يخص نظام أندرويد، كما أن مساعد Gemini الذكي يتكامل بشكل عميق مع تطبيقات مثل يوتيوب وخرائط جوجل والتطبيقات الأخرى. وبالنظر إلى تكامله ضمن البيئة الهاتفية، فقد اخترناه لهواتفنا. لكن بالنسبة لنا في Galaxy AI فنحن نهتم بالانفتاح، حيث تتركز فلسفتنا على النظر إلى حاجات المستخدم والإصغاء دائماً لمتطلباته مع تبني التقنيات اللازمة لذلك.»
الموازنة بين آراء المستخدمين والاختبارات الداخلية
في عام 2019، كانت سامسونج رائدة مجال الهواتف القابلة للطي مع تقديمها لهاتف Galaxy Fold الأصلي. وفيما كان الهاتف مثيراً للإعجاب حقاً من حيث قدراته العتادية والبرمجية على حد سواء، فقد أحدثت الشركة تحسينات كبرى وقدمت العديد من الميزات الجديدة التي تجعل تجربة الهواتف القابلة للطي مميزة حقاً وتقدم الغايات التي يريدها المستخدم. ففي هواتف Galaxy Z Fold، انتقلت تجربة الاستخدام في وضع الإغلاق من مشاهدة بعض الإشعارات على الأكثر لتصبح تجربة موسعة تقدم العديد من التطبيقات وخيارات التحكم وحتى الوصول إلى ذكاء Gemini الاصطناعي دون الحاجة لفتح الهاتف.
بالنسبة لهواتف Galaxy Z Fold، فقد بدا التخصيص المتقدم واضحاً في مجال النوافذ المتعددة وخواص الإنتاجية، وذلك كاستمرارية لتلبية سامسونج لمتطلبات مستخدميها. حيث قالت جيونغ: «مع هواتف Fold، لاحظنا من بيانات الاستخدام تركيز المستخدمين الأكبر على خواص تعدد المهام، وكان ذلك سبباً أساسياً لاستمرارية تطويرنا لقدرات النوافذ المتعددة في هذه الهواتف. حيث ركزنا على تقديم مختلف القدرات للمستخدمين لتغطية احتياجاتهم بالشكل الأنسب.»
من الناحية الأخرى، تجري سامسونج الكثير من الاختبارات الداخلية التي تهدف للتأكد من جودة الميزات والواجهة وقدرتها على تلبية متطلبات المستخدمين. وأضافت جيونغ: «بشكل داخلي، نقوم بالعديد من الاختبارات بهدف التحقق من مستوى الأداء وكونه يجري بشكل سلس. فعلى سبيل المثال نقوم باختبار الجهاز في ظروف استخدام متعددة، ونجرب أداءه لدى فتح العديد من التطبيقات بشكل متزامن، ونأخذ كل ذلك بعين الاعتبار كواحد من العوامل التي نستهدفها عند تطوير برمجياتنا.»
بالمجمل، تحقق مقاربة سامسونج في تطوير البرمجيات توازناً نادراً بين التركيز على الاختبار والتطوير الداخلي مع الشركاء، والاستماع للمستخدمين وأخذ آرائهم ورغباتهم بعين الاعتبار. حيث لا تتوقف الشركة عن تقديم الميزات الثورية التي عادة ما تسبق توقعات المستخدمين أنفسهم، لكنها لا تتجاهل متطلباتهم، بل تضعها في صميم عملية التحسين والتعديلات التي تضاف لهذه الميزات لتحقيق حاجات المستخدمين بالشكل الأمثل.