بسبب الذكاء الاصطناعي، المدراء يعودون للمقابلات الواقعية لا الافتراضية

يشهد سوق العمل عودة متزايدة للمقابلات الوظيفية الحضورية مع سعي الشركات لمواجهة موجة غش في عملية التوظيف مغذاة بالذكاء الاصطناعي. فبعد أن جعلت الجائحة وطفرة العمل عن بُعد المقابلات الافتراضية هي النمط الأكثر شيوعاً لمقابلات العمل الأولى، دفع الانتشار السريع لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي عدداً متزايداً من الشركات لإعادة تقييم الأمر وإدخال التقييمات الحضورية بهدف التحقق من المهارات والأصالة بطرق لا توفرها الشاشات الرقمية.

يقول مديرو التوظيف وخبراء بيئة العمل إن هذا التحول يأتي جزئياً كرد على لجوء المرشحين لاستخدام الذكاء الاصطناعي لصياغة الإجابات أو حتى إنجاز التحديات التقنية أثناء المقابلات الافتراضية. لكن وبالإضافة إلى حالات غش مرشحين حقيقين باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، هناك عدد كبير من حالات الغش التي لا تتضمن مرشحين حقيقين أصلاً، بل أن مدراء التوظيف يقابلون روبوتات ذكاء اصطناعي تنتحل الصفة البشرية.

يمتلك العديد من مدراء التوظيف الآن أدوات فعالة في كشف بعض أنواع الغش في المقابلات مثل التوقفات المريبة، أو الأنشطة خارج الكاميرا، أو الإجابات التي لا تتوافق مع التفكير اللحظي، أو حتى ادعاء أن الكاميرا معطلة ومحاولة إجراء المقابلة صوتاً فقط. لكن حتى مع هذه الأدوات، بات بعض الباحثين عن عمل أكثر مهارة في تجاوز العقبات وحتى أن هناك برمجيات تعدل بث الفيديو للمرشح ليبدو وكأنه ينظر نحو الشاشة ولو كان ينظر إلى شاشة أخرى بغرض الغش مثلاً.

في يونيو، كان سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة جوجل قد قال في تصريح له أن شركته تحرص على أن واحدة على الأقل من مراحل مقابلات التوظيف يجب أن تتم بشكل شخصي، وذلك «للتأكد من أن الأساسيات موجودة». وكذلك هو الحال لشركات كبرى أخرى مثل عملاقة تكنولوجيا الاتصالات سيسكو، وشركة الاستشارات والخدمات المهنية مكنزي.

مواضيع مشابهة

يتركز استخدام الذكاء الاصطناعي للغش في مقابلات العمل في المناصب التقنية، وخاصة في مجالات مثل هندسة البرمجيات، التي عادة ما تتضمن مقابلاتها مهام برمجية ومعضلات تتطلب الحل لتقييم المرشح. حيث تحدث مسؤولو التوظيف عن مرشحين يستخدمون برامج سرية لتوليد الأكواد أو الإجابات، وأحياناً يستعينون بإشارات لفظية مثل السعال أو الهمهمة للمماطلة أثناء انتظارهم لظهور الإجابات المولدة.

فيما أن توظيف مرشح غير مؤهل وتجاوز الاختبارات باستخدام التحايل هو أمر مقلق وضار بالشركات دون شك، فالخطر الأكبر حتى هو وصول مجرمين سيبرانيين إلى أن يكونوا موظفين بالشركة بالاستفادة من التزييف العميق. حيث انكشفت عدة حالات مقلقة لمقابلات عمل لم تتضمن مرشحين حقيقيين حقاً، بل وجوهاً وأصواتاً مولدة بالذكاء الاصطناعي مع هويات مزيفة للحصول على الوظائف. وتضمنت حالات سابقة وصول قراصنة وخبراء تجسس أجانب إلى العديد من الشركات العاملة في مجالات حساسة مع مستويات أذونات عالية بشكل مقلق.

تنوعت استجابات المدراء للتهديد الجديد الناتج عن المرشحين الوهميين، إذ يطلب بعضهم التحقق بالبيانات البيومترية (مثل البصمة) أو الرقمية من الهوية قبل وأثناء المقابلات، فيما يعتمد عدد أكبر على جعل المقابلة الحضورية جزءاً لا غنى عنه من عملية التوظيف. وفيما أن الخبراء يرجحون مقابلات التوظيف عبر الفيديو لن تختفي حقاً في أي وقت قريب، فهي في حالة تراجع الآن دون شك.

شارك المحتوى |
close icon