تحذيرات صينية من مرض الخرف الرقمي و إدمان الهواتف الذكية

حذر خبراء و علماء صينيون من مرض أطلق عليه مرض العصر الحديث، الذى يهاجم شعوب العالم و ليست الصين وحدها، و يسمى (الخرف الرقمى) نتيجة إدمان الهواتف الذكية، حيث أظهرت دراسة حديثة أجريت مؤخراً، أن أكثر من 60 % من الشباب تراجعت ذاكرتهم ، و أصبحوا ينسون الأشياء و يخلطون بينها؛ بسبب إدمانهم على اللعب بهذه الهواتف و أصبحوا يصفون بـ (القوم مطأطئو الرأس).
و ذكرت الدراسة التى نشرتها صحيفة (الشعب) الصينية الرسمية أنه فى الوقت الحالى أصبح (الخرف الرقمى) أحد المصطلحات الساخنة على شبكة الإنترنت، كما أعاد مستخدمو الإنترنت التفكير فى استعمالهم المفرط للهواتف الذكية، موضحة أن ما يسمى بـ(الخرف الرقمى) هو تراجع قدرات الانتباه، الناجمة عن الاستعمال المفرط للهواتف المحمولة، مثل نسيان بعض أرقام الهواتف و أسماء بعض الأصدقاء و الأقارب، حيث ظهر هذا المصطلح أول مرة فى كوريا الجنوبية عام 2004، ثم أثار اهتماما كبيرا فى كافة أنحاء العالم.
و بالنسبة للصين أصبحت الهواتف المحمولة تيارا جديداً داخلاً بل ربما أصبح ضمن الضروريات، و وصل عدد مستخدمى الهواتف الذكية فى الصين إلى 380 مليون شخص فى ديسمبر 2012.
و وفقا لدراسة السوق التى نشرت مؤخراً بعنوان (تقرير حول مستخدمى الاتصالات اللاسلكية لعام 2013)، فقد بلغت نسبة انتشار الهواتف الذكية فى الصين 66 %، و تجاوزت كل من أمريكا و بريطانيا لتصبح فى المرتبة الثانية بعد كوريا الجنوبية بفارق 1 نقطة مئوية.
و تضيف الصحيفة أن الهواتف الذكية أصبحت تمثل بالنسبة للناس القناة الرئيسية للترفيه و التواصل الاجتماعى و استقاء المعلومات و استغلال وقت الفراغ، و نظراً لأن الكثير من الناس أصبحوا غير قادرين على الابتعاد عن الهواتف المحمولة، و أطلق عليهم اسم (مطأطئو الرأس).
و وضعت الدراسة حلولاً لهذه المشكلة منها التفريق بين العمل و الحياة، حيث يجب تجنب استعمال المنتجات الرقمية قدر الإمكان خارج أوقات العمل، أخذ قسط كاف من الراحة، التواصل مع الناس و التمتع بالطبيعة، إضافة للاجتهاد فى تذكر الأرقام الهاتفية المهمة، أسماء الأشخاص و شؤون الحياة اليومية، و التعود على الكتابة اليدوية، و الحساب الذاتي و غيرها من العادات، و الاعتماد على فيتامين (ب) للتخفيض من كمية الخلايا الدماغية الميتة و تنشيط الذاكرة.
و حول أسباب إدمان استعمال الهواتف الذكية، و الإصابة بـ(الخرف الرقمى) طبقا للدراسة التى نشرتها الصحيفة الصينية، فيشير الخبراء المعنيين أولاً إلى الاستعمال غير المتكافئ للجزئين الأيمن و الأيسر للمخ، و ثانياً إلى الأضرار التى يتعرض لها جزء من حلقات الذاكرة.
و نقلت صحيفة (الشعب) الصينية عن أستاذ جراحة المخ و الأعصاب جين رونغفو، أن وزن الدماغ الأيسر يختلف عن وزن الدماغ الأيمن، حيث يكون الدماغ الأيسر عادة مسؤولاً عن اللغة و التحليل و المنطق، فى حين يكون الدماغ الأيمن مسؤولاً أساساً عن التخيل و الانتباه.
و يقول الطبيب بالمركز الكورى لتوازن الدماغ بيان جيوان، إن "الاستعمال المفرط للهواتف الذكية ، يؤثر على النمو المتوازن للدماغ، حيث لا يتسبب الاستعمال المفرط للدماغ الأيسر، و الاستعمال الضعيف للدماغ الأيمن فحسب، بل يؤدي فى النهاية إلى تراجع قدرة التحكم الذاتي فى المشاعر و الإضرار بقدرة المعرفة، و هو ما يمكن أن ينجم عنه تخلف فى الدماغ الأيمن، و تصبح إمكانية الإصابة بمرض الزهايمرالمبكر كبيرة.
و حول فاعلية الذاكرة، فتنقل الدراسة عن الأستاذ المساعد بمستشفى داتشونغنان الصينى و المتخصص فى جراحة الدماغ و الأعصاب شياوجينغ سونغ قوله إلى أن الهواتف الذكية نظراً لسرعتها فى البحث فإنها تجعل مستعمليها يتقاعسون عن التفكير و التعلم، و مع امتداد الوقت تصبح المنطقة الدماغية المسؤولة على الذاكرة أكثر فأكثر تكاسلاً، حيث لا تحصل الذاكرة على التدريبات و التحفيزات الكافية، و بذلك من الطبيعى أن تتراجع، و فى أسوأ الحالات يصبح من الصعب على المريض حتى تذكر رقم هاتفه الشخصى.
و تضيف الصحيفة الصينية أنه على عكس مرض الزهايمر الذى يصيب كبار السن، فإن مرض (الخرف الرقمي) يظهر فى سنوات مبكرة من عمر الشباب، حيث تشهد معدلات الإصابة بهذه الأعراض فى صفوف المراهقين زيادة واضحة، و نظراً لخصوصية فئة المراهقين، فهم يعدون أكثر تضرراً من البالغين.
و وفقاً لبيانات عام 2013، فقد فاق متوسط مدة الاستعمال اليومى لـ 18.4 % من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 19 سنة 7 ساعات، مسجلا زيادة بـ7 نقاط مئوية مقارنة بالأعوام السابقة.
و فى هذا السياق، يؤكد الأخصائي فى علوم الإشعاع بمستشفى الشعب الصينى التابع لجامعة بكين جين فنغ على أن فترة المراهقة هى أهم مرحلة للنمو الدماغي، لذلك فإن الإفراط فى استعمال الهواتف الذكية خلال هذه الفترة، سيؤثر على نمو دماغهم، و لن يكون فى صالح نموهم السليم، و على الأولياء و المدارس أن يتحملوا المسؤولية اللازمة، و يعززوا اهتمامهم بهذا الجانب.
و نقلت صحيفة (الشعب) الصينية عن جين قوله "لا تزال الأبحاث المتعلقة بالتأثيرات طويلة المدى للخرف الرقمى فى مرحلتها الأولى، و لاتزال هناك العديد من العوامل غير المفهومة".
و أوضح فى ذات الوقت، أنه من غير الواقعي الابتعاد التام عن العلوم و التكنولوجيا فى ظل التأثير العلمى و التكنولوجى الذى أصبح سمة العصر، لذا يبقى مبدأ استعمال التكنولوجيا لوقت مناسب هو الحل الأمثل لتجنب النتائج الوخيمة.