عكس التوقعات: الذكاء الاصطناعي يبطئ عمل المبرمجين الخبراء حتى 19%

⬤ كشفت دراسة أن مساعدات الذكاء الاصطناعي لا تسرع المبرمجين الخبراء، بل أنها تبطئ عملهم.

⬤ وفق الدراسة، استغرق المبرمجون وقتاً أطول بمتوسط 19% عند استخدام الذكاء الاصطناعي مقابل عدمه.

⬤ أكد الباحثون أن النتائج لا يمكن تعميمها بالضرورة، وقد تختلف بشدة لدى المبرمجين الأقل خبرة مثلاً.

في تحول مفاجئ في عالم الذكاء الاصطناعي سريع التطور، كشفت دراسة جديدة أن المساعدات البرمجية المدعومة بالذكاء الاصطناعي قد تعيق إنتاجية مطوّري البرمجيات المحترفين بدلاً من تسريعها، فيما يبدو كمسار معاكس تماماً لسبب استخدام المبرمجين لهذه المساعدات: تسريع العمل.

هدفت الدراسة التي أجرتها منظمة Model Evaluation & Threat Research (METR) غير الربحية، إلى قياس الأثر الواقعي لأدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة على تطوير البرمجيات. على مدار عدة أشهر في الشطر الأول من عام 2025، راقبت METR ستة عشر مطوراً من أصحاب الخبرة في البرمجيات مفتوحة المصدر أثناء تعاملهم مع 246 مهمة برمجية حقيقية (تراوحت بين إصلاحات للأخطاء وتنفيذ ميزات جديدة) ضمن مستودعات كود كبيرة يعرفونها جيداً. تم تخصيص كل مهمة عشوائياً إما للسماح أو منع استخدام أدوات البرمجة بالذكاء الاصطناعي، واختار معظم المشاركين استخدام Cursor Pro إلى جانب Claude 3.5 أو 3.7 Sonnet عند السماح لهم باستخدام الذكاء الاصطناعي.

قبل البدء، توقّع المطوّرون بثقة أن الذكاء الاصطناعي سيجعلهم أسرع بنسبة 24%. وحتى بعد انتهاء الدراسة، ظلّوا يعتقدون أن إنتاجيتهم تحسنت بنسبة 20% عند استخدام الذكاء الاصطناعي. لكن الواقع كان مختلفاً تماماً. فقد أظهرت البيانات أن المطورين استغرقوا وقتاً أطول بنسبة 19% لإنهاء المهام عند استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يتعارض ليس فقط مع تصوراتهم، بل أيضاً مع توقعات خبراء الاقتصاد وتعلم الآلة.

قام الباحثون بتحليل أسباب هذا التراجع غير المتوقع في الإنتاجية، وحددوا عدة عوامل مساهمة. أولاً، كان تفاؤل المطورين بقدرات أدوات الذكاء الاصطناعي يتجاوز ما تستطيع فعلياً تقديمه. كان العديد من المشاركين على دراية عميقة بمستودعات الكود الخاصة بهم، مما قلّل من فرص استفادتهم من اختصارات يقدمها الذكاء الاصطناعي. كما أن تعقيد المشاريع وحجمها (غالباً ما تجاوزت مليون سطر من الكود) شكل تحدياً للذكاء الاصطناعي، الذي يؤدي بشكل أفضل في المشكلات الصغيرة والمحددة. علاوة على ذلك، لم تكن اقتراحات الذكاء الاصطناعي موثوقة دائماً؛ فقد قبل المطورون أقل من 44% من الكود الذي قدمه الذكاء الاصطناعي، مما أجبرهم على قضاء وقت كبير في مراجعتها وتصحيحها. وأخيراً، عانت الأدوات من صعوبة في فهم السياق الضمني داخل المستودعات الكبيرة، مما أدى إلى اقتراحات غير ملائمة أو غير ذات صلة.

مواضيع مشابهة

اتبعت الدراسة منهجية صارمة. حيث قدّر كل مطور الوقت اللازم لإتمام المهمة باستخدام الذكاء الاصطناعي وبدونه، ثم نفذ المهام مع تسجيل الشاشة وتقديم تقارير ذاتية عن الوقت المستغرق. وتم تعويض المشاركين بمبلغ 150 دولاراً في الساعة لضمان التزام احترافي كامل. وظلت النتائج متسقة عبر مختلف أساليب التحليل، دون وجود دليل على تأثير أي تحيز أو عوامل تجريبية على النتائج.

على أي حال، حذر الباحثون من تعميم النتائج بشكل مفرط. فقد ركزت الدراسة على مطورين ذوي خبرة عالية يعملون على أكواد مألوفة ومعقدة. وقد تقدم أدوات الذكاء الاصطناعي فوائد أكبر للمبرمجين الأقل خبرة أو لأولئك الذين يعملون على مشاريع أصغر أو غير مألوفة. كما أشار المؤلفون إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تتطور بسرعة، وقد تقدم الإصدارات المستقبلية نتائج مختلفة.

عموماً، وعلى الرغم من التراجع في الإنتاجية، لا يزال العديد من المشاركين والباحثين يستخدمون أدوات البرمجة بالذكاء الاصطناعي. فهم يشيرون إلى أن الذكاء الاصطناعي، حتى وإن لم يسرّع دائماً سير العمل، فهو يمكن أن يجعل بعض جوانب التطوير أقل إجهاداً ذهنياً، ويحوّل البرمجة إلى عملية أقل رهبة وأقل تسبباً بالضغط النفسي.

شارك المحتوى |
close icon