مقال ضيف بقلم أليكس تروشين، مدير تسويق المنتجات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، وحدة أعمال الخوادم المؤسسية والحوسبة عالية الأداء في AMD
في عصر تبني الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، ارتفع الطلب على نطاق ترددي لمراكز البيانات بشكل هائل، مما أدى إلى التوسع المتسارع لمراكز البيانات حول العالم. ومع ذلك، تواجه المراكز الجديدة قيوداً تتعلق بالاستدامة والمساحة والميزانية. يدرك صانعو السياسات فوائد مراكز البيانات في رفع الإنتاجية والنمو الاقتصادي والبحث العلمي، لكن لا يزال هناك توتر حول تأثيرها على المجتمعات المحلية واستخدام المياه والكهرباء. أفضل حل يكمن في تحسين البنية التحتية لمراكز البيانات القائمة بالفعل من أجل استخراج المزيد من الأداء، مع مراعاة الحدود المتاحة.
ستصبح مدننا، منتجاتنا الاستهلاكية وعالمنا أكثر رقمية، ونحن بحاجة إلى المزيد من القدرات الحاسوبية لمواكبة ذلك. إن تحسين البنية التحتية لمراكز البيانات التي نملكها بالفعل لاستخراج المزيد من الأداء هو أفضل وسيلة لتحويل القيود إلى فرصة لمزية تنافسية.
لماذا يُعد تحسين مراكز البيانات أمراً مهماً؟
يواجه مدراء المعلومات وقادة تكنولوجيا المعلومات دعوات متزايدة لتوفير بنية تحتية حاسوبية عالية الأداء عبر شركاتهم والتعامل مع حالات استخدام جديدة وأكثر تطلباً، مع موازنة الالتزامات المتعلقة بالاستدامة والقيود على المساحة والميزانية. لجأ العديد منهم إلى بناء مراكز بيانات جديدة بالكامل لتلبية الطلب، وربطها بتقنيات كفاءة الطاقة لتقليل تأثيرها البيئي.
على سبيل المثال، يستخدم الحاسوب العملاق LUMI (Large Unified Modern Infrastructure)، وهو من الأقوى في أوروبا، طاقة كهرومائية خالية من الكربون بنسبة 100% لتشغيل عملياته، كما يُعاد استخدام الحرارة المهدرة منه لتدفئة المنازل في بلدة كاجاني في فنلندا. وهناك العديد من الأمثلة المشابهة لـ LUMI التي تُظهر التقدم الكبير الذي حققته صناعة مراكز البيانات في تلبية الحاجة إلى كفاءة الطاقة. ومع ذلك، فإن كفاءة الطاقة وحدها لن تكون كافية لتلبية الطلبات المتنامية للذكاء الاصطناعي، والذي من المتوقع أن يزيد الحاجة سعة تخزين مراكز البيانات.
وفقاً لشركة IDC، نمت أنظمة التخزين الخارجية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا بنسبة 3.6% في الربع الثالث من عام 2024، كما شهدت الخوادم المؤسسية في المنطقة نفسها نمواً قوياً بنسبة 25.0%.
ستحتاج متطلبات الطاقة المتزايدة للذكاء الاصطناعي أيضاً إلى تصاميم أكثر كفاءة في استخدام الطاقة لضمان قابلية التوسع وتحقيق الأهداف البيئية. ومع وصول مساحة مراكز البيانات والأراضي وشبكات الكهرباء إلى حدودها القصوى، فإن إحدى طرق تحسين التصميم تكمن في الترقية من الخوادم القديمة. فمراكز البيانات استثمارات مكلفة، ويحاول بعض مديرو تكنولوجيا المعلومات تعويض التكاليف عبر تشغيل أجهزتهم لأطول فترة ممكنة. ونتيجة لذلك، لا تزال معظم مراكز البيانات تستخدم أجهزة عمرها 10 سنوات (حسب Dell)، ولا توسع القدرة الحاسوبية إلا عند الضرورة القصوى.
ومع أن بناء مراكز بيانات جديدة قد يكون ضرورياً للبعض، إلا أن هناك فرصاً كبيرة لترقية البنية التحتية القائمة. فالترقية إلى أنظمة أحدث تتيح للمراكز أداء المهام نفسها بكفاءة أكبر. من المتوقع أن تنمو القدرة العالمية لمراكز البيانات من 180 جيجا واط في عام 2024 إلى 296 جيجا واط في عام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 12.3%، في حين ستنمو استهلاك الكهرباء بوتيرة أعلى بنسبة 23.3% من 397 تيرا واط ساعة إلى 915 تيرا واط ساعة في عام 2028.
بالنسبة لمراكز البيانات القديمة، يمكن أن يعني ذلك عدداً أقل من الرفوف والأنظمة الواجب إدارتها، مع الحفاظ على نفس النطاق الترددي. وهذا يترك مجالاً كبيراً لاحتياجات تكنولوجيا المعلومات المستقبلية، كما يتيح مساحة للتجارب الضرورية جداً في أعباء عمل الذكاء الاصطناعي حالياً. يمكن استغلال هذه المساحة لبناء أرفف نصفية منخفضة التكلفة كنماذج أولية قبل التوسع الكبير، واستخدام شرائح فائقة الكفاءة في استهلاك الطاقة لتقليل متطلبات التبريد والطاقة، مما يسرّع من استرداد الاستثمارات.
ما الذي يجب البحث عنه عند الترقية؟
هناك العديد من العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند ترقية الخوادم، ولا يوجد حل واحد يناسب جميع احتياجات مراكز البيانات. الأمر لا يقتصر على شراء أقوى شريحة يمكن تحمل تكلفتها. ومع أن أهمية الشريحة الجيدة على كفاءة الطاقة جزء محوري دون شك، لكن لكل مركز بيانات احتياجات مختلفة تحدد مزيج العتاد والبرمجيات المطلوب لتحقيق أعلى كفاءة تشغيلية.
على سبيل المثال، واجهت شركة الإعلان الرقمي Criteo تحدياً في زيادة عدد عروض الإعلانات الرقمية الفورية مع البقاء ضمن حدود استهلاك الطاقة. وباعتماد معالجات AMD EPYC من الجيل الرابع، تمكنت الشركة من تلبية عدد عروض أكبر بمقدار 16 مرة باستخدام نصف عدد الخوادم التي استخدمتها في 2020، مع الالتزام بحدود الطاقة لكل خزانة في مركز البيانات.
وكما فعلت Criteo، ينبغي لصناع القرار في مجال تكنولوجيا المعلومات البحث عن مزودين قادرين على تقديم بنية تحتية شاملة لمراكز البيانات على نطاق واسع، تجمع بين الشرائح عالية الأداء والشبكات والبرمجيات وخبرة تصميم الأنظمة. فعلى سبيل المثال، تسهّل الرفوف المادية المناسبة عملية استبدال الأجهزة مع تغير الاحتياجات، كما أن البرمجيات المفتوحة لا تقل أهمية لتمكين مكونات مختلفة من التحدث مع بعضها البعض.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المزودين الذين يستثمرون باستمرار في تصميم أنظمة عالمية المستوى وقدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي سيكونون في أفضل موقع لتسريع خارطة طريق الأجهزة والبرمجيات المؤسسية الخاصة بالذكاء الاصطناعي.
تقدم مراكز البيانات
مع استمرار اعتمادنا على التقنيات الرقمية في النمو، يتزايد أيضاً احتياجنا إلى القدرة الحاسوبية. من المهم تحقيق التوازن بين الحاجة إلى المزيد من القدرة الحاسوبية وأهداف الاستدامة، والطريق إلى الأمام يكمن في تحقيق أقصى استفادة من البنية التحتية الحالية لدينا. هذه فرصة كبيرة للتفكير بذكاء وتحويل ما يبدو كتوتر إلى ميزة ضخمة. باستخدام المعمارية الحاسوبية الصحيحة، يمكن لمراكز البيانات تنفيذ المهام نفسها بكفاءة أكبر، مما يتيح المجال للتقنيات المستقبلية التي ستغير الأعمال والحياة.