هل كانت هواتف نوكيا القديمة متينة حقاً؟ أم أن الأمر أقرب للأسطورة؟

في عالم اليوم بات هاتف نوكيا 3310 القديم يمتلك حالة أشبه بالأسطورية في الواقع، حيث أن سنوات عديدة من الصور المضحكة التي تصفه بكونه غير قابل للتدمير قد حولت ما بدأ كدعابة من نوع ما إلى حقيقة في أذهان الكثيرين الذين يتعاملون مع هواتف نوكيا القديمة على أنها متينة بشكل هائل، وبالطبع أمتن بمراحل من الهواتف التي نمتلكها اليوم على الرغم من كل التطور الذي حصل على مدى السنوات من حيث المواد المستخدمة وتصميم الهيكل الداخلي.

 

في هذا الموضوع سنتناول أسطورة قوة هواتف نوكيا وتحملها للصدمات والخدوش وكونها “غير قابلة للتدمير” بنظر الكثيرين اليوم، وهل هذه النظرة واقعية حقاً أم أنها مبالغ بها بشكل يظلم الهواتف الحديثة وما تم تحقيقه فيها.

 

ما هو سبب “هشاشة” الهواتف الحديثة؟

 

هل كانت هواتف نوكيا القديمة متينة حقاً؟ أم أن الأمر أقرب للأسطورة؟

 

يمكن في الواقع اختصار الجزء الأكبر من نقاط ضعف الهواتف الحديثة بأمر واحد أساسي: الشاشات الكبيرة المغطاة بالزجاج والتي تعمل باللمس. حيث أن الشاشات الكبيرة تشكل هدفاً سهل الإصابة أكثر من تلك الصغيرة القديمة من جهة، كما أنها قد خسرت طبقات الحماية المتراكمة فوقها بسبب كونها تعمل باللمس، حيث لم يعد من الممكن وضع الشاشة خلف بضعة ميليمترات من الفراغ ومن ثم طبقة سميكة من البلاستيك المعروف بكونه سهل الكسر أمامها، بل بات كل ما يمكن فعله هو وضع زجاج شديد النحافة أمام الشاشة لتستمر بالعمل بالشكل الصحيح.

 

الزجاج الخلفي بدوره يمتلك تأثيراً كبيراً أيضاً، حيث من المعروف أن الزجاج سهل الكسر والتشظي مهما تم تطبيق تقنيات حماية جديدة عليه، والأمر هنا ليس عيباً بالضرورة حيث أن الزجاج وعلى الرغم من قابليته الشديدة للكسر فهو مقاوم بشكل استثنائي للخدش، ومن الصعب للغاية أن يتعرض هاتف زجاجي للخدش ضمن الجيب مثلاً حتى إن تم حمله مع مفاتيح معدنية أو محاولة خدشه مباشرة باستخدام نصل من الفولاذ المقاوم للصدأ.

 

عموماً عادة ما تكون المواد المتينة متدرجة على خط بياني ممتد بين القساوة (صعوبة الخدش) والمتانة (صعوبة الكسر)، فالمواد الأقل قساوة مثل البلاستيك بأنواعه قابلة للخدش بسهولة أكبر نسبياً من سواها، لكنها متينة جداً ضد الكسر. ومقابلها يأتي الزجاج كواحد من أقسى المواد شائعة الاستخدام، لكنه سهل الكسر ومن الممكن أن يتشظى إلى العديد من الأجزاء الصغيرة عند تعرضه لصدمة قوية كفاية.

 

بالنسبة للمستخدمين اليوم بات من الواضح أن الاختيار بين مقاومة الصدمات والخدوش قد تم حله منذ زمن لصالح مقاومة الخدوش، حيث أن الهواتف التي تستخدم شاشات بلاستيكية (مثل سلسلة S Active من Samsung في الماضي) أو غطاء خلفي بلاستيكي (مثل العديد من الهواتف الرخيصة اليوم) أفضل بكثير من حيث مقاومة الصدمات، لكنها تخدش بسهوة وتفقد بريقها وتعطي للمستخدمين شعوراً بأنها أرخص مقارنة بنظيرتها الزجاجية اللامعة، وبمرور الوقت وجدت الشركات أن المستخدمين يفضلون الزجاج ونقلت معظم هواتفها لتستخدمه.

 

مواضيع مشابهة

اقرأ أيضاً: أغرب تصميمات الهواتف التي صدرت عبر السنوات

 

هل كانت هواتف نوكيا القديمة بتلك المتانة حقاً؟

 

هل كانت هواتف نوكيا القديمة متينة حقاً؟ أم أن الأمر أقرب للأسطورة؟

 

كأحد الأشخاص الذين عانوا من فشل هواتف نوكيا بعد صدمات قوية كفاية عدة مرات مختلفة، فالواضح هو أن رأيي سيكون ضد مزاعم المتانة الأسطورية المنتشرة. فهذه الهواتف قابلة للتحطم بشكل مشابه تماماً لما هو موجود اليوم في العديد من الهواتف الحديثة، لكن الفرق الأساسي هو نوع التحطم الذي يحصل هنا. حيث أن هواتف نوكيا لم تكن تستخدم الزجاج حقاً في أي من أجزائها، كما أن شاشاتها كانت محمية خلف طبقة سميكة من البلاستيك من جهة، وكانت صغيرة كفاية أيضاً ليكون تحطمها شبه مستحيل.

 

المشكلة الأكبر في هواتف نوكيا القديمة هي أن أجزائها الداخلية لم تكن مصممة بنفس الشكل المكتظ وعالي الثبات اليوم، بل أن العديد من الوصلات والشرائح الإلكترونية كانت قابلة للانفصال عن بعضها والتحطم عند التعرض للصدمات. وبالنتيجة كانت النتائج الكارثية للتحطم نادرة، لكن عند حدوثها فقد كانت أشد تأثيراً كونها تؤدي لتلف الهاتف بالكامل بدل حاجته لاستبدال الشاشة أو الزجاج الخلفي فقط.

 

أخيراً لا بد من ذكر نقطة مهمة للغاية: كانت معظم هواتف نوكيا تمتلك ما يشبه هيكل حماية خارجي هو غطاء بلاستيكي يشكل جزءاً من الهاتف لكن فضله عنه سهل للغاية عادة، وعندما تحدث الصدمات القوية الكفاية كان من الشائع أن تنطلق أجزاء غطاء الهاتف بكل الاتجاهات مما يقلل من ضرر الصدمة على الأجزاء الداخلية لكنه يخرب الغطاء الخارجي (القابل للاستبدال بالطبع).

 

مقارنة بالصدمات التي تتلقاها الهواتف اليوم، يمكن القول إن الهواتف القديمة لم تكن بنفس المتانة حقاً في حال احتسبنا الضرر الداخلي فقط، لكن إن كان أساس الحساب هنا هو التكلفة الممكنة لأضرار الصدمات يصبح الفرق كبيراً للغاية، حيث أن شاشة هاتف ذكي من الفئة العليا اليوم توازي من حيث السعر هاتفاً ذكياً من أحدث طراز في وقت سابق مثل عام 2007 على سبيل المثال.

شارك المحتوى |
close icon