السعودية نهضة شاملة في تبني الوسائل المستدامة في قطاع الاتصالات

مقال ضيف بقلم: ريس مورغان، نائب الرئيس والمدير العام لشركة إنتل سات في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا


 

في ضوء التحولات المتزايدة والكبيرة التي تشهدها المملكة العربية السعودية لتحقيق الأهداف التي حددتها برامج رؤية 2030، تأتي الرقمنة وقطاع الاتصالات الفضائية كركيزة أساسية ضمن هذا التحول. وفي هذا الصدد، جاءت المملكة في المرتبة الثانية بين دول مجموعة العشرين والرابعة عالمياً في جهوزية الأنظمة الرقمية، وفقًا لتقرير صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات. وجاء ذلك نتيجة التزامها بتحسين الاقتصاد المستقبلي وتعزيز حياة المواطنين. واليوم، يصل عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في المملكة إلى 36.31 مليون مستخدم، إلى جانب انتشار شبكة الإنترنت بنسبة 99.0%. وفي ضوء هذا المشهد، فإن الفجوة الرقمية في السعودية أصبحت تتلاشى شيئاً فشيئاً بفضل الإطار التنظيمي القوي والالتزام بالابتكار والاستثمار في التكنولوجيا.

إن المتتبع لكل التطورات التي تشهدها المملكة على كافة المستويات يلحظ بأن النمو الاجتماعي والاقتصادي يرتكز بشكل كبير على توفير بنية تحتية متطورة في قطاع التكنولوجيا والاتصالات عبر الأقمار الصناعية. وفي هذا الإطار، أصبحت الاتصالات السريعة والتكنولوجيا المرافقة لها السمة المميزة للحياة العصرية، فقطاع الاتصالات يلعب دوراً مهماً في التنفيذ الآمن والفعال للعديد من الخطط التنموية والحضرية في المملكة. وبلغة الأرقام، سيشكل الاتصال عبر الأقمار الصناعية أكثر من 80٪ من فرص الإيرادات في المنطقة، وستتجاوز منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بشكل عام 150 مليار دولار من العائدات التراكمية في الفترة بين 2021 و2031. وفي إطار دعم خطط الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، يواصل القطاع العام بقيادة صندوق الاستثمارات العامة العمل على توفير أفضل شبكات الاتصال في المملكة حيث قام الصندوق بتخصيص 2.1 دولار مليار دولار لبرنامج الفضاء في عام 2020، وهي لحظة فارقة في دعم وتطوير هذا القطاع في المملكة.  

لقد أولت المملكة العربية السعودية منذ البداية اهتماماً كبيراً بإحداث نهضة شاملة مع الالتزام بشكل أساسي بجعل هذه النهضة مستدامة. إن المملكة اليوم دولة قائمة على هدف ومفهوم يتمحور حول الاستدامة في كل شيء، والتزامها بدفع الاستدامة العالمية غير مسبوق ويتجلى من خلال الاستثمار وإطلاق مبادرة السعودية الخضراء، وصندوق البيئة، ومشروع الرياض الخضراء، والاستراتيجية البيئية الوطنية. بالتالي، يتضح الالتزام من خلال معالجة القطاع العام لسلسلة القيمة الكاملة للنظام الإيكولوجي للفضاء، بما في ذلك استكشاف الفضاء وتصنيع الأقمار الصناعية والاتصالات. وكدليل يسلط الضوء على الاهتمام المتزايد باقتصاد الفضاء، وقعت المملكة اتفاقيات أرتميس في 14 يوليو 2022 وأدخلت لاحقًا برنامج مسرع الفضاء السعودي في عام 2022. يدعم البرنامج الشركات الناشئة ورواد الأعمال في تطوير حلول الفضاء المبتكرة داخل المملكة مع تبسيط نقل المعرفة والتكنولوجيا والتدريب.

مواضيع مشابهة

وفي ضوء هذه المعطيات التي يشهدها قطاع الاتصالات الفضائية، تؤدي الحاجة والاعتماد المتزايدين إلى حدوث حالة من التشبع والمخاطرة في نهاية المطاف. فالنمو المستمر والسريع يعني أيضاً وجود خطر الازدحام والحاجة المتزايدة لمواكبة الحفاظ على بيئة صحية في الفضاء. واليوم ومع وجود ما يقرب من 6,800 من الأقمار الصناعية النشطة التي تدور حول الكوكب وحوالي 2,810 من الأقمار الصناعية غير النشطة في الفضاء، فإن الحكمة والتروي باتت ضرورية لإدارة الاتصالات الفضائية بشكل أكثر فاعلية.

إن التغلب على تحديات الاستدامة في عصرنا الحديث تتطلب الاتساق، والإجماع، وصنع السياسات الاستباقية، فإذا نظرنا اليوم إلى محيطنا الفضائي بأن إجمالي كمية الحطام الفضائي الذي يدور حول الأرض اليوم حوالي 9000 طن مع أكثر من 100 مليون قطعة بحجم مليمتر واحد أو أكبر وفقاً لتقرير ناسا الأخير. يتكون هذا الحطام من تقنيات من صنع الإنسان من الأقمار الصناعية النشطة إلى أجزاء الصواريخ وغيرها من النفايات الفضائية. هناك ما يقرب من 70-90 قمراً صناعياً يتم إطلاقها في المدار كل عام ونتيجة لارتفاع عدد الأجسام يمكن أن تعتبر كارثية في حال لم يكن هناك جهود لمنع حدوث ذلك.

إن أهمية الاتصالات الفضائية واستدامتها يمتد تأثيرها على مختلف القطاعات، وعلى رأسها الإعلام وتمكين الشركات من تقديم المحتوى إلى جمهور أكبر، فضلاً عن ابتكار طرق للناس للوصول إلى المعلومات بشكل أفضل. وقد وظفت المملكة العربية السعودية استخدام وسائل الإعلام للمساهمة بشكل إيجابي في الفضاء الترفيهي، وحماية القيم التراثية والثقافية، وتعزيز صورتها محليًا وعالميًا، وزيادة مساهمتها في الاقتصاد.

وفي الختام أودّ الإشارة إلى أننا في شركة إنتل سات نولي اهتماماً كبيراً بأن نكون جزءاً من النهضة الشاملة التي تشهدها المملكة في قطاع الاتصالات الفضائية من خلال توفير أحدث التقنيات في قطاع الاتصالات الفضائية ونقل أفضل التجارب العالمية لدينا إلى المملكة. ولا تفوتني الإشارة هنا إلى أن الاستدامة تأتي في صلب أعمالنا في الشركة؛ ففي عام 2021 تم التحام القمر الصناعي MEV-2 التابع لشركة نورثروب جرومان مع قمرنا “إنتل سات 10-20″، مما سيقود إلى إطالة متوسط العمر المتوقع لكلا القمرين الصناعيين بمقدار خمس سنوات.

شارك المحتوى |
close icon