قصة مذهلة: مبتكر مثبت السرعة كان فاقد البصر!

في عالم الابتكارات التكنولوجية، غالبًا ما نركز على عقول المخترعين ومسيرتهم المهنية. ونغفل أحيانًا عن القصص الإنسانية الملهمة التي تشكل خلفية إبداعاتهم. يُعد مثبّت السرعة في السيارات، أحد أبرز هذه الابتكارات التي استطاعت أن تغير من طريقة قيادتنا للسيارات. ولكن القليل منا يعرف القصة المذهلة وراء مخترعه، رالف تييتير. فكيف تمكن مهندس ميكانيكي فقد بصره وهو في سن مبكرة من ابتكار نظام يعتمد كليًا على رؤية الطريق والحفاظ على سرعة ثابتة؟ في هذا المقال، سنغوص في أعماق هذه القصة الفريدة، ونسلط الضوء على العزيمة والإصرار اللذين جعلا من هذا التحدي البشري إنجازًا هندسيًا عظيمًا.

من هو رالف تييتير؟

مثبّت السرعة في السيارات

قبل أن نتطرق إلى مثبّت السرعة في السيارات. دعونا نأخذكم في رحلة للماضي ونتعرف على مخترع هذا الإبتكار وهو رالف تييتير (أو تييتر أو تيتر) الذي ولد عام 1890، وفقد بصره تمامًا وهو في الخامسة من عمره بعد حادث مؤسف. حيث فقد تيتور إحدى عينيه عن طريق الخطأ أثناء لعبه بسكين. وفي غضون عام، أصيب بعمى تام بسبب اعتلال العين الودي.

اقرأ أيضا: كيف استطاع مخترع السيارة الكهربائية أن يشغّلها باستخدام مغناطيسين فقط؟

ورغم هذه الإعاقة، لم يستسلم ويسمح لتلك الإعاقة أن تعيق طموحه. فقد كان عبقريًا بالفطرة ومهندسًا ميكانيكيًا لامعًا. ولتجاوز محنته، قام تيتر بتدريب حواسه الأخرى، لا سيما السمع واللمس، لتعويض حاسة البصر. هذه الحساسية المفرطة تجاه الأصوات هي التي شكلت لاحقًا جوهر فكرة أعظم اختراعاته.

فكرة الاختراع

بالنسبة إلى تاريخ مثبت السرعة، يمكن القول بأن نشأت فكرة مثبّت السرعة في السيارات نشأت نتيجة إحباط شخصي عميق. كان تييتير يركب سيارة مع محامي العائلة في إحدى الرحلات، و لاحظ من خلال صوت المحرك أن المحامي كان لا يستطيع الحفاظ على سرعة ثابتة. بل كان يسرع ويبطئ بشكل متكرر أثناء حديثه. كان هذا التقلب في السرعة يزعج تييتير بشكل كبير، فقرر أن يفكر في حل لهذا الأمر. وكان الحل يتمثل في ابتكار جهاز يمكنه التحكم في حركة السيارة تلقائيًا والحفاظ على سرعة ثابتة دون تدخل من السائق.

التجربة الأولى والإطلاق الرسمي

عمل تييتير على فكرته لسنوات، وفي عام 1950، حصل على براءة اختراع لجهازه الذي أطلق عليه اسم “Speedostat”. كان الجهاز في بدايته نظامًا ميكانيكيًا معقدًا، لكنه أثبت فعاليته في الحفاظ على سرعة ثابتة. وفي عام 1958، كان العالم على موعد مع الإطلاق الرسمي لاختراعه في سيارة “كرايسلر إمبريال، ليصبح بذلك أول نظام لتثبيت السرعة يتم استخدامه تجاريًا في السيارات.

استمر نظام تثبيت السرعة كميزة ثانوية في السيارات، وإن لم تكن أساسية. إلى أن تغير كل ذلك بشكل جذري في عام ١٩٧٣ (الحرب بين مصر والكيان الصهيوني). عندما فرضت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) حظرًا على الولايات المتحدة. برز ابتكار تيتور المذهل كأداة موفرة للوقود ومقبولة على نطاق واسع.

اقرأ أيضا: يغطي عينيه أثناء العمل… القصة الكاملة خلف أغرب مهندس في عالم السيارات من هوندا!

أثر الاختراع على صناعة السيارات

أحدث اختراع مثبّت السرعة في السيارات ثورة في قطاع النقل والمواصلات. حيث تجاوزت فوائده مجرد راحة السائق. وإليك كيف أثر الاختراع على صناعة السيارات:

  1. الأمان: ساهم بشكل كبير في الحد من تجاوز السرعة المحددة، مما يقلل من حوادث الطرق.
  2. توفير الوقود: يساعد في الحفاظ على استهلاك ثابت للوقود، مما يزيد من القيادة بكفاءة ويمنع استهلاك الكثير من الوقود.
  3. راحة السائق: يقلل من إجهاد السائق أثناء التحرك لمسافات طويلة، مما يجعله أكثر انتباهًا وتركيزًا.
  4. التطور المستمر: كان اختراع تييتير الأساس الذي بنيت عليه الأنظمة الحديثة مثل القيادة الآلية (Auto-Pilot) و كذلك مثبت السرعة التكيفي (Adaptive Cruise Control). الذي يعد خطوة مهمة نحو السيارات ذاتية القيادة.

حقائق سريعة عن مثبت السرعة

مثبّت السرعة في السيارات

  • الاسم الأصلي للجهاز كان “Speedostat”.
  • حصل تييتير على براءة الاختراع عام 1950.
  • أول سيارة تجارية استخدمته كانت كرايسلر إمبريال 1958.
  • لم يطلق عليه اسم “مثبت السرعة” إلا بعد سنوات من إطلاقه.
  • كانت حاسة السمع القوية لدى تييتير هي الدافع المباشر وراء هذا الاختراع.
  • أول طراز جيد من نظام Speedostat، كان يفتقر إلى “قفل السرعة”.

اقرأ أيضا: آخر صيحات تسلا: تعرف مطعم تسلا العصري الذي يجمع بين الطعم المميز والأجواء الكلاسيكية في هولييود

في الختام، تعد قصة رالف تييتير مصدر إلهام يثبت أن الإعاقة ليست حاجزًا أمام الإبداع والابتكار. فقد حول تييتير التحدي الذي واجهه إلى دافع لإيجاد حل يسهم في راحة وأمان قائدي السيارات في جميع أنحاء العالم. إن اختراعه لم يمنع فقط سائقي السيارات من تجاوز السرعة المحددة، بل غير أيضًا من تجربة القيادة وأعطانا درسًا لا ينسى في العزيمة وقوة العقل البشري. فقصة مثبت السرعة ليست مجرد إنجاز تقني، بل هي شهادة على أن أعظم الابتكارات غالبًا ما تنبع من الرغبة في التغلب على الصعاب.

شارك المحتوى |
close icon