إننا نعول على الولاء المصرفي للعملاء – ويجب أن تفعلوا كذلك

مقال ضيف بقلم مارلينا بولرولا (Marlena Polrola)، مستشارة ما قبل البيع في شركة Comarch


دعونا نطّلع على العالم المثير للولاء المصرفي في منطقة الشرق الأوسط، فإننا نوشك على استكشاف الوسائل التي تكفل بها البنوك عودة عملائها للحصول على خدمات أخرى، وهذا الموضوع أكثر إثارة مما يبدو عليه.

للوهلة الأولى، قد تبدو الحال كما لو أن البنوك تعامل عملاءها على أنهم مجرد مجموعة من الأرقام؛ فهم يطلبون منك رقم حسابك ورقم هويتك الوطنية ورقم هاتفك وغيرها. لذلك قد تشعر أحياناً أنك لست إلاً مجرد أرقام في نظرهم، لكنك أكثر بكثير من ذلك عندما يتعلق الأمر بالولاء.

أصل لا يضاهى

يرى البنك العميل الوفي أصلاً لا يقدر بثمن؛ فهو يوصي الآخرين بهذا البنك ويواصل التعامل معه في السراء والضراء. وقد أبانت دراسة علمية حديثة أجرتها شركة Nielsen أنّ العميل المحال يولد في سنته الأولى متوسط عائدات يفوق بخمسة أضعاف العميل غير المحال. كذلك تبلغ نسبة الاحتفاظ بذلك النوع من العملاء نحو 92% خلال الأعوام الثلاثة الأولى مقارنة بنسبة 67% للعملاء غير المحالين. ويرتبط الاحتفاظ بالعملاء في مجال الخدمات المالية بعدد المنتجات التي يمتلكونها، وهذا يُفضي بنا إلى جانب مهم آخر وهو البيع العابر.

يميل العملاء الأوفياء عادة إلى الاستفادة من منتجات وخدمات إضافية من البنك، مما يزيد الإيرادات والأرباح. وهكذا تستطيع المؤسسات تعميق أواصر العلاقة والولاء مع عملائها عبر تقديم مجموعة متنوعة من المنتجات والخدمات التي تلبي حاجاتهم المالية. ولا يقتصر الأمر هنا على حجم الأموال التي قد تجنيها البنوك فحسب، وإنما يرتبط كذلك بحجم الأموال التي ربما توفرها إذا حافظت على عميلها دون خسارته. فالفكرة الأساسية هنا تتجلى على النحو التالي: كلما زاد عدد المنتجات التي يمتلكها العميل في إحدى المؤسسات المالية، زاد حجم استثماره فيها، وبذلك يقل احتمال انتقاله إلى مؤسسة أخرى.

والأمر المميز في حالات كهذه هو أن استخدام العملاء لخدمات إضافية يتيح للبنوك جمع معلومات أوسع عن عادات وسلوكيات الاستهلاك لدى العميل. وكلما اتسعت معرفة البنوك بالعملاء، تحسّنت قدرتهم على تقديم منتجات وخدمات مصممة تحديداً لتلبية احتياجات العميل الخاصة. ولا يقف الأمر عند تحسين المنتجات والخدمات، وإنما يشمل كذلك تكريس تلك البيانات عن سلوكيات استهلاك العملاء لاكتشاف عمليات الاحتيال ومنعها؛ فالمؤسسات المالية حينما تعكف على تحليل بيانات المعاملات المالية لعملائها، فإنها تقدر على تحديد الحالات الشاذة، واتخاذ التدابير للحيلولة دون وقع أي عمليات احتيالية في المستقبل.

رعاية العملاء مفتاح النجاح

مواضيع مشابهة

تحظى العلاقات الشخصية في منطقة الشرق الأوسط بمكانة كبيرة، لذلك فإن إقامة علاقة شخصية مع العملاء عنصر حاسم لتحقيق النجاح. ويتجلى هذا الأمر بأشكال عديدة، بدءاً من تذكر عيد ميلاد العميل، وانتهاء بتقديم المشورات المالية الشخصية. فالتصرفات التي تظهر مدى قيمة العملاء كأفراد، تعزز في نفوسهم شعور الانتماء للبنك. كذلك يمكن الاعتماد على حملات التسويق الموجهة لتقديم الخدمات الشخصية؛ فعلى سبيل المثال يستطيع البنك أن يقدم خلال شهر رمضان مجموعة من العروض الترويجية والخدمات التي تلبي حاجات العملاء المسلمين، ومنها مثلاً حسابات التوفير والادخار الممتثلة لمبادئ الشريعة الإسلامية.

ويبين هذا النهج المتبع أن البنك يدرك جيداً حاجات عملائه، ويتعهد بخدمتهم على نحو هادف ومفيد. فالأمر المهم حقاً هو الثقة والتفاهم بين العميل والبنك. إذ تدرك حينها أن البنك يدعمك ويساندك في الأزمات المالية. ويمكن القول هنا إن الولاء في العمل المصرفي ليس إلاّ علاقة تبنى على المستوى الشخصي مع العملاء، فأساسها الثقة والتواصل والمنفعة المتبادلة. وعلى غرار سائر العلاقات الشخصية، عندما يسود الولاء علاقة البنوك والعملاء، فإنهم يستطيعون معاً مواجهة أي أزمة مالية تعصف بهم.

توطيد العلاقة

من البديهي القول هنا إن الولاء لا يقتصر على طرف دون آخر، فلا بد للبنوك من العمل الدؤوب لتأكيد ولائها لعملائها عبر تقديم برامج المكافآت، وهذا يشمل أموراً عديدة، منها نقاط المكافآت، والقسائم، والامتيازات، والخصومات والوصول الحصري لبعض الأحداث الخاصة والمميزة. فالبنوك عندما تقدم فوائد ملموسة فإنها تعزز شعور الولاء في نفوس عملائها؛ فالعميل الوفي يستطيع مثلاً اكتساب النقاط مقابل بعض الأنشطة اليومية، مثل استخدام بطاقة الخصم، أو فتح حساب جديد أو حتى بمجرد الدخول إلى الخدمات المصرفية عبر شبكة الإنترنت.

وفي ظل التسارع الكبير والتنافس الشديد في دنيا التمويل، يحظى العملاء عادة بخيارات كثيرة لانتقاء أحدها والاستفادة من خدماته المصرفية والاستثمارية. ويعني هذا الأمر أن البنوك والشركات الاستثمارية والمؤسسات المالية ملزمة بالعمل الدؤوب لتكوين قاعدة عملاء أوفياء، والاحتفاظ بهم على المدى الطويل. ولا يشذ قطاع الصناعة المصرفية في الشرق الأوسط عن هذه القاعدة، خاصة أن لبنوك هذه المنقطة باع طويل في ترسيخ الولاء في نفوس عملائها.

لذلك حينما تقصد البنك في المرة القادمة، فلا تنظر للأمر بعين العمل الروتيني فحسب، بل تعامل معه على أنه فرصة سانحة لتوطيد العلاقات وكسب بعض الامتيازات والمكافآت. فحينما ترتبط المسألة بالولاء في المجال المصرفي، فهو ثقة مكتسبة وليس مجرد رقم من الأرقام.

تعرف على حلول COMARCH للولاء المصرفي

شارك المحتوى |
close icon