اختراق الأقمار الصناعية التهديد الأمني الذي يجب أن نقلق حياله

بينما تطير على بعد آلاف الكيلومترات، تصنع الأقمار الصناعية عالمنا اليوم وتحدد معالمه، لكنها في خطر شديد من الاختراق الإلكتروني المحتمل.

 

وفق مؤشر الأمم المتحدة للأجسام في الفضاء الخارجي، كان هناك أكثر من 7500 قمر صناعي يدور حول الأرض مع نهاية عام 2021. في الواقع، حوالي 40% من العدد الإجمالي للأقمار الصناعية في المدار قد تم إطلاقها خلال عامي 2020 و2021 فقط. ويبدو أن المسار تصاعدي مع ارتفاع عدد الأقمار الصناعية في المدار كل عام وتزايد التحديات والصعوبات أمام تشغيل وتأمين هذا العدد من الأجسام في المدار.

 

بالإضافة إلى وجود مخاطر مثل العواصف الشمسية أو متلازمة كيسلر أو سواها، يبدو أن المخاطر الأمنية هي التهديد الأكبر اليوم للأقمار الصناعية. حيث تقول ورقة بحثية منشورة مؤخراً أن استطلاعاً لآراء الخبراء قد وضع المخاطر الأمنية كالتهديد الأكبر للأقمار الصناعية اليوم. لذا سنتناول في هذا الموضوع ما الذي يجعل اختراق الأقمار الصناعية مقلقاً للغاية، وكيف يمكن أن يشكل اختراق كهذا خطراً عالمي التأثير حقاً.

 

بعيدة عن الخطر، لكن بعيدة عن المساعدة أيضاً

 

اختراق الأقمار الصناعية هو التهديد الأمني الجديد الذي يجب أن نقلق حياله

 

بالنظر إلى كونها تدور على ارتفاعات هائلة تتراوح من بضع مئات وحتى عشرات آلاف الكيلومترات، فالأقمار الصناعية بعيدة كفاية لتكون منيعة على الكوارث الطبيعية المعتادة مثل الزلازل والفيضانات والعواصف الكبرى. كما أن استهداف الأقمار الصناعية من الأرض عملية صعبة ومعقدة إلى حد بعيد بحيث أنها خارج الحسبان للمجموعات الصغيرة وتتطلب مستوىً حكومياً متقدماً لتنفيذها.

 

بالمقابل، يعني البعيد الهائل للأقمار الصناعية عنا أن المساعدة ليست ممكنة حقاً عند حصول خطأ ما. حيث أن تكلفة الوصول إلى الفضاء مرتفعة جداً بحيث أن التحطيم المقصود للأقمار الصناعية التي تعاني من مشاكل خيار أوفر من إرسال مهمة لإصلاحها. وبالنظر إلى أن كامل تواصل الأرض مع الأقمار الصناعية هو بعض أمورج الراديو فحسب، فالباب مفتوح بشدة للهجمات الرقمية عالية الخطورة.

 

في حال استهداف خادم ما أو مركز بيانات ببرمجيات خبيثة تهدد بسرقة معلوماته مثلاً، يمكن للجهة المشغلة أن تتولى التحكم يدوياً وتوقف تغذية الطاقة عن المنشأة أو توقف اتصالها بالشبكة. هذا الأمر ممكن لأن الجهة المشغلة تمتلك الوصول الفيزيائي والمباشر إلى الخادم أو مركز البيانات المستهدف. لكن في حالة الأقمار الصناعية فالأمور صعبة للغاية وبمجرد تولي المخترقين السيطرة على قمر صناعي سيصبحون مالكيه من حيث المبدأ وليس لدى المالكين الأصليين سوى محاولة الاختراق المعاكس لاستعادة السيطرة.

 

بالإضافة لذلك هناك مشكلة كبرى من حيث اكتشاف ثغرات أمنية متعلقة بعتاد الأقمار الصناعية. فبينما يمكن التعامل مع الثغرات البرمجية بالتحديثات الدورية ومحاولة إصلاح المشكلة قبل استغلالها، فثغرات العتاد ستبقى كما هي دون حل. وبالنظر إلى أن نسبة كبيرة من الأقمار الصناعية الجديدة هي أقمار مصغرة مصنوعة من عتاد حاسوبي معتاد، فالأمور مقلقة للغاية.

 


مواضيع مشابهة

مواضيع قد تهمك:


 

التهديد الأمني حقيقي والنتائج مقلقة

 

اختراق الأقمار الصناعية هو التهديد الأمني الجديد الذي يجب أن نقلق حياله

 

حتى الآن ليس هناك حالات اختراق مسجلة للأقمار الصناعية لأن الأمر لم يكن مغرياً كفاية في الواقع. حيث أن اختراق الأقمار الصناعية العسكرية والحكومية معقد كفاية بحيث أن أي جهات غير حكومية لا تستطيع فعله، فيما ستكون الفرق الحكومية مترددة تجاه أمر كهذا قد يسبب أزمة دبلوماسية أو يشعل حروباً حتى. ومن الناحية المدنية فقد كانت التكلفة الأولية على المخترقين كبيرة دون وسيلة استفادة مالية واضحة من الأمر.

 

المختلف اليوم هو أن معدات البث إلى الأقمار الصناعية وبالأخص القريبة من الأرض أرخص بكثير من الماضي مما يجعلها أسهل للاقتناء من قبل المخترقين. كما أن حركات توحيد المعايير والتصاميم المبسطة المعتمدة على العتاد الحاسوبي قد جعلت الأمر أكثر إغراء، حيث بات يمكن للمخترقين أن يدرسوا ثغرات قمر صناعي ويستخدموها ضد مجموعة كبيرة من الأقمار بدلاً من الحاجة للتعامل مع كل قمر كحالة جديدة ومختلفة تماماً عن السابق.

 

أخيراً هناك الانتشار الكبير والمتزايد لبرمجيات الفدية والتي أظهرت قدرتها على إخافة الشركات والحكومات وإرغامها على الدفع السخي للمخترقين مقابل إفلات معلوماتها. وبالنظر إلى السعر المرتفع للغاية للأقمار الصناعية وتكاليف إطلاقها، يستطيع المخترقون طلب فدية كبيرة دون أن يرهنوا معلومات مهمة حتى، بل يكفي أن يستولوا على قمر صناعي ويعيدوا تشفير التواصل معه باستخدام مفاتيح مخصصة لهم.

 

مع كوننا على عتبة عصر اختراق الأقمار الصناعية، فمن الواجب التجهز لكون النتائج متنوعة للغاية. حيث ستتراوح من الصعوبات التي ستواجه الشركات وبالأخص شركات الاتصالات، وقد تصل إلى شل خدمات هامة مثل تحديد المواقع في حال وصول المخترقين إلى أقمار من تشكيلة GPS الأمريكية أو GLONASS الروسية أو سواها.

 

لحسن الحظ تعد الهجمات ذات التأثيرات الواسعة هي الأصعب والأقل جدوى للمخترقين بنفس الوقت مما يقلل من احتمالها. لكن بالمقابل سيكون على الشركات الكبرى التي تشغل أقماراً صناعية أو تستند عليها في عملها القلق أكثر من أي وقت سبق والتخطيط جيداً لأمن الأقمار الصناعية الموجودة اليوم في المدار أو المخطط إطلاقها لاحقاً.

شارك المحتوى |
close icon