كيف يمكن لتبديل البطاريات أن يشكّل نقطة تَحوُّل للشركات التي تستخدم المركبات الكهربائية في الإمارات العربية المتحدة؟

مقال ضيف بقلم حسام زمّار، المؤسِس والرئيس التنفيذي لشركة Terra

 

في مجال النقل المستدام دائم التطور، تتجه كل الأنظار نحو المركبات الكهربائية. ولكن على الرغم من تزايد عدد محطات الشحن التي تحتاج إليها تلك المركبات، نجد أن عملية تبديل البطاريات أصبحت منافساً قوياً يخطو خطوات واسعة في المجال؛ فالقيمة السوقية لمجال تبديل البطاريات قد تجاوزت 950 مليون دولار أمريكي (3.5 مليار درهم إماراتي) اعتباراً من عام 2022، ومن المتوقع أن تزيد بمعدل نمو سنوي مركب قدره 25% بين عامي 2023 و2032 بسبب تزايد شعبية مركبات التنقل الصغيرة خاصة في المدن بجميع أنحاء العالم.

ما هو تبديل البطاريات؟

يعرف تبديل البطاريات بأنّه مفهوم حقق نقلة نوعية في مجال النقل المستدام؛ إذ سهّل عملية إعادة شحن بطاريات المركبات الكهربائية. فبدلاً من شحن بطارية المركبة بالطريقة التقليدية، يستطيع المستخدم دون عناء استبدال البطارية المشحونة بالكامل بالبطارية المستنفدة لدى محطات التبديل المخصّصة. وتُقلِل هذه العملية من الوقت المهدور في انتظار الشحن، وبذلك تصبح المركبات الكهربائية خياراً أكثر عملية للأفراد وللشركات. وتتصف عملية تبديل البطاريات في محطات التبديل المتاحة بالبساطة والسهولة، فهي تمهد الطريق لتجربة أكثر سلاسة، وتعالج مخاوف العملاء الشائعة، سواء المتعلقة بنفاد البطارية قبل الوصول لوجهتهم النهائية، أو المرتبطة بفترات الشحن الطويلة.

يساهم استبدال البطاريات في تقليل الانبعاثات الكربونية بشكل كبير، وتعزز عملية تبديل البطاريات الاستدامة البيئية لأنها تُقلّل الحاجة إلى إنتاج بطاريات جديدة للمركبات الكهربائية. كما تُقلّل من استهلاك المواد الخام، وتُعزّز من استخدام وسائل تَنقُّل صديقة للبيئة. وتُساهم أيضاً محطات تبديل البطاريات في إطالة عمر البطارية لأنها تُمكّن المستخدم من الشحن بتيارات منخفضة مُتحَكَم بها، فتتقلص بذلك الحالات التي تستلزم اللجوء إلى الشحن السريع.

نظراً للسهولة النسبية لعملية التبديل، يستطيع المُستخدِم إجراء التبديل بنفسه دون مساعدة خارجية؛ فيستبدل حِزم البطاريات الصغيرة الخفيفة من محطة التبديل التي تشبه آلة بيع المشروبات، غير أنها تحتوي على عدد من البطاريات. والجدير بالذكر أن مركبات التنقل الصغيرة ذات العجلتين والثلاث عجلات هي أكثر من يستخدم خدمة تبديل البطاريات.

مزايا اعتماد تبديل البطاريات

في عالم المركبات الكهربائية، يُمثل تبديل البطاريات حلاً قابلاً للتطبيق لإحداث تغيير في مجال النقل المستدام عوضاً عن طريقة الشحن التقليدية. ويضمن تبديل البطاريات مزيداً من الكفاءة التشغيلية للشركات التي تعتمد على أساطيل من المركبات الكهربائية، وذلك لأنه لا يستغرق وقتاً طويلاً، فيقلّ وقت التوقف عن العمل وتزداد الإنتاجية. وتتسم عملية تبديل البطاريات بالمرونة، فهي حل مثالي ومناسب للشركات التي تتطلع إلى زيادة عدد مركباتها الكهربائية دون التقيد بوقتٍ معين للشحن. أما من حيث التكلفة، فيُعد تبديل البطاريات وسيلة فعّالة؛ إذ يقلّل الحاجة إلى الشحن المُكثّف لمدة طويلة. بالإضافة إلى ما سبق، تساعد هذه العملية في توسيع النطاق الذي تتحرك به المركبات الكهربائية، وهو ما يجعلها مناسبة للمهام المختلفة.

العيوب

مواضيع مشابهة

صحيح أنّ عملية تبديل البطاريات تساعد الشركات كثيراً على اعتماد وسائل النقل الكهربائي، لكنّ اللجوء إليها تصاحبه بعض التحديات منها التكلفة الكبيرة للبنية التحتية، كما أن اختلاف التقنيات المُصنّعِة للبطاريات يحول دون إنتاج نوع مُوحّد منها. بالإضافة إلى ما سبق، فإن التطور المستمر الذي تشهده التكنولوجيا الخاصة بتشغيل البطارية ربما يُثير قلق البعض بشأن تقادم بعض الأنواع والتكاليف المرتبطة بترقيتها، ويجب الأخذ بعين الاعتبار أيضاً بعض العوامل البيئية الأخرى المرتبطة بالتصنيع. وعلى الرغم من هذه التحديات، تُساهم التطورات المستمرة ضمن المجال، واتباع تخطيط استراتيجي، في تعظيم فائدة عملية تبديل البطاريات التي تُعزّز التنقل المستدام للشركات.

مستقبل تبديل البطاريات

يُعدّ مستقبل تبديل البطاريات واعداً؛ فمن المتوقع أن تستفيد هذه العملية من التطور التكنولوجي لتحسين أداء البطاريات وإطالة عمرها الافتراضي من خلال ميزات عديدة، مثل تحليل البيانات ومراقبة الأداء في الوقت الفعلي. ومن المرجح أيضاً أن يستفيد مزودو خدمات التنقل والتسليم في الميل الأخير من هذه الميزات لزيادة عدد المركبات المتوفرة، وتقليل وقت التوقف عن العمل وضمان عدم انقطاع الخدمة عن العملاء.

على الرغم من أن سوق المركبات الكهربائية في الإمارات لا يزال في مراحله الأولى، لكنّه ينمو بسرعة فائقة؛ إذ توجد دولة الإمارات العربية المتحدة حالياً في المرتبة السابعة في المؤشر العالمي لجاهزية التنقل الكهربائي لعام 2023، الذي نشرته شركة «Arthur D. Little» العالمية للاستشارات. ويرجع ذلك إلى التطوير السريع الذي نفذته الدولة في بنيتها التحتية. ويُشير كل ما سبق إلى استعداد الإمارات العربية المتحدة لاعتماد التنقل الكهربائي بشكل أكبر، كما يضعها في مصاف الدول المؤثرة في مجال المركبات الكهربائية.

تسعى الإمارات العربية المتحدة إلى تحويل نصف عدد المركبات في شوارعها بحلول عام 2050 إلى كهربائية، وذلك لدعم أهداف الاستدامة التي وضعتها، وتقديم الخدمات المناسبة لمجال المركبات الكهربائية الأسرع نمواً، وبالتالي من المُرجّح أن تلعب عملية تبديل البطاريات دوراً أهم في قطاع توصيل الميل الأخير نظراً لأنها تمثل طريقة فريدة لمحاولة القضاء على كمية الانبعاثات الكبيرة التي تُسبّبها المركبات التي تعمل بالبنزين. وتتماشى الجهود التي تبذلها حكومة دولة الإمارات لتحقيق بيئة مواتية لاستخدام المركبات الكهربائية مع الهدف وراء مبدأ تبديل البطاريات كحلّ للمشكلات المرتبطة بنموذج الشحن التقليدي.

الخاتمة

بشكل عام، يمثل انتشار تبديل البطاريات بارقة أمل لمستقبل التنقُّل المستدام للشركات في المنطقة. فمع سعي الإمارات لتحقيق الحياد الكربوني والزيادة السريعة في اعتماد المركبات الكهربائية، تأتي عملية تبديل البطاريات كحلّ استراتيجي صديق للبيئة ومناسب من حيث التكلفة. وبمعزلٍ عن الأرقام والتوقعات، تُمثل هذه العملية تحولاً محورياً في طريقة التعامل مع التحديات المرتبطة بالتنقُّل في منطقة الشرق الأوسط؛ سواء من حيث معالجة مشكلات الكفاءة التشغيلية، أم من ناحية تمهيد الطريق لمستقبل يعتمد على الطاقة النظيفة، وأفراد أكثر وعياً بالبيئة.

لا يقاس نجاح عملية تبديل البطاريات في دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة اعتماداً فقط على القيمة السوقية أو نسب النمو، بل أيضاً من خلال قدرتها على التوافق مع الأهداف التي وضعتها الدولة، وضرورات الاستدامة العالمية. وتؤكد عملية تبديل البطاريات على أن الطريق إلى مستقبل أكثر مراعاة للبيئة يعتمد أساساً على الابتكار والتقدم في رحلة السعي للوصول إلى نظام تنقُّل للشركات صديق للبيئة ومتميّز بالمرونة.

 

شارك المحتوى |
close icon